لم تكن الاعتداءات الحوثية على الإمارات، قبل 3 سنوات، إلا محاولة عبثية فاشلة من ميليشيا إرهابية للنّيل من مسيرة الأمن والأمان التي تعيشها بلادنا، والتأثير على مواقفنا النابعة من مصلحتنا الوطنية وقرارنا السيادي الذي لا يقبل أبداً بأي مساومة أو ابتزاز.
وقتها، كانت هذه الميليشيا تريد أن تغطّي على إحباطها ويأسها وتوتّرها الذي ظل يسيطر على أفرادها وقيادتها بعد أن وجدت نفسها في مأزق حقيقي، وانكشف وجهها القبيح أمام العالم، وتحولت الأنظار إلى سلوكها الإجرامي الذي يهدد أمن المنطقة، فظنت أن بإمكانها أن تنال من أمن الإمارات، الأمر الذي قوبل بإدانات واسعة من المجتمع الدولي ومجلس الأمن، وشعوب العالم.
وبقدر ما كشف هذا الاعتداء الآثم عن الوجه القبيح لتلك الجماعة وسلوكها الإجرامي، بقدر ما ألقى الضوء على الإمارات الشامخة العصيّة، وقيادتها الأبيّة التي قررت أن تعلق الجرس لتضميد الجروح التي فتحها التطرف في هذه المنطقة من العالم، وأدمى فيها الإنسان، وصار نهباً للتنافس بين مراكز التشدد ورعاية الإرهاب.
وبقدر ما عبّر عنه هذا الاعتداء من خسة مفرطة وهمجية غير مسبوقة واستخفاف لافت بقواعد القانون الدولي والإنساني والأعراف الدولية.. بقدر ما ألقى الضوء على «نخوة شعبنا» وعلاقته الوطيدة بقيادته التي تمضي على نهج رمزنا الكبير المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه.
بالمقابل، أعلنتها الإمارات مدويّة بأن «هذا الاعتداء لن يمر دون عقاب»، وجاء الرد سريعاً وحاسماً ورادعاً، وحلّق صقورُنا ليشعلوا الأرض تحت أقدام المعتدين، حتى إنهم وصلوا إلى المنصة التي انطلقت منها هذه الصواريخ، ولم يتركوها إلا وقد تعالت منها ألسنة اللهب، حاملين معهم رسالة شديدة اللهجة، مفادها: أن الإمارات لا تتسامح أبداً مع من يتطاول على سيادتها، أو يحاول النيل من استقرارها وأمن مواطنيها والمقيمين على أرضها، أو يتجرأ على المساس ولو بذرّة من ترابها.
ويشهد التاريخ بأن دولة الإمارات وقفت على مر الزمان إلى جانب الشعب اليمني الشقيق، وأنها لم تتخلف يوماً عن دعمه في الظروف كافة، انطلاقاً من إحساسها البالغ بالمسؤولية تجاه أشقائها والمنطقة وأمنها واستقرارها، بينما جاءت استجابتها السريعة لطلب الشرعية، وضمن «التحالف»، في وقت حساس ودقيق، ولم تسمح نخوتها بتحويل اليمن إلى شوكة في الخاصرة الخليجية والعربية، أو العبث بمقدرات ومصير شعبه.
نعم، ذهبنا لليمن تلبية لنداء الحياة والشرعية، ولم ندع فرصة سانحة لتعمّ السعادة بيوت أهله إلا وبادرنا إليها.. قدمنا التضحيات والمساعدات، نظمنا الأعراس الجماعية، أنشأنا المدارس ودور الرعاية الصحية، حفرنا الآبار، وقدمنا الدروس الإنسانية في فنون الإعمار، كي يعود اليمن سعيداً كما كان.
بالمقابل، كان الإرهاب ينهب المساعدات الإنسانية، ويمارس وحشيته المعهودة ضد المدنيين، خاصة النساء والأطفال، ويحوّل العيادات الصحية والمدارس إلى ثكنات عسكرية ومستودعات للذخائر.
ولذلك، فإننا حينما نتحدث عن «الـ17 من يناير»، نزداد تشبثاً بنهجنا في الاعتدال ومحاربة التطرف، بحزمنا وعزمنا، ووفق ما تقتضيه مصلحتنا الوطنية، وبما يتماشى مع القانون والمعاهدات الدولية.
نتذكر ذلك اليوم، ونتذكر معه كل محبي الإمارات الذين أزعجهم ما حدث فيه، لنقول لهم: إن بلادنا بعون الله وبفضل قيادتنا وعزم أبنائنا، لا تضرها صواريخ عبثية، خيبتها أكبر منها، لأن الإمارات تعرف تماماً المتضررين من مواقفها، وتدرك ما يزعجهم في نموذجها، الذي لا يمكن بأي حال أن تنال منه أمراض متأصّلة أو أحقاد قديمة تسعى لنشر الإرهاب والفوضى.
نتحدث عن ذلك الاعتداء الأثيم، ونفخر بما قدمته بلادنا لليمن، وللإنسانية وسلامِها واستقرارِها، ونعتز بجهودنا المشرّفة ومبادراتنا المتلاحقة لعالم أكثر أمناً، وشعوب بلا معاناة.
قبل الـ17 من يناير، كانت بلادنا عنواناً عريضاً لمرحلة نهوض حضاري عربي.. وبعد الـ17 من يناير، أصبحت مثالاً لدولة المستقبل التي لا تعرف المستحيل.
واليوم، وفي ذكرى الـ17 من يناير، تؤكد بلادنا من جديد أنها ستظل قوة سلام واستقرار، تزرع الخير وتبث الأمل، فيما تملؤنا الثقة بأن صورتها ستظل خالدة في وجدان العالم وضمير الأمة.