بعد خسارة ريال مدريد من غريمه اللدود برشلونة، وجدت ابني معلقاً النتيجة على باب غرفتي ليلة عودتي من السفر متأخراً، ألصقها صباحاً قبل ذهابه إلى المدرسة فرحاً باعتباره «حبيبي برشلوني»، هذا بدل حمداً لله على سلامة الوصول، تجرعت ما في الورقة مثلما تجرعنا تلك الهزيمة القاسية، والتي كانت متلازمة الريال دائماً مع البرشا، حتى انقلب السحر على الساحر، لكن الموضوع ليس موضوع هزيمة الملكي، ولا صحوة البرشا، ولا تلك النتيجة المعلقة على باب غرفتي صباح عودتي من سفري، الموضوع أن هناك سؤالاً ظل عالقاً في الرأس: هل يغار لاعبو الفريق الواحد من اختلاف الرواتب الشهرية والامتيازات بينهم، خاصة حين تكون الفروق كبيرة جداً، ولا تتناسب والعطاء الميداني، وتكون مغايرة للجهد والأهداف وصنع الفرق، غيرة سببها عدم التساوي مع ما يتقاضاه أحدهما عن الآخر، «امبابي» مثلاً! والذي يعد الأغلى أجراً ومشاهرة وامتيازاً من بين كل زملائه الذين انتظروا منه الكثير، وعلق عليه جماهير الملكي الكثير، وخربط حسابات الإدارة الملكية في الكثير.
الغيرة الإنسانية موجودة في كل المهن، ولا تقتصر على النساء والفنانات وزميلات العمل والكار، هي طبيعة إنسانية قد لا نعرف مصدرها ومبعثها، لكنها عند اللاعبين بارزة، لأن ثمنها المادي والمعنوي كبير، خاصة حينما تقف الصحافة الرياضية داعمة ومشجعة الاسم الرنان، بعيداً عن اللاعب الفنان، بعد ما تقف الشركات التجارية التي يمثلها اللاعب في جميع منتجاتها وحارس علاماتها خلفه، ومن وراء الكواليس تشد من عضده، وتدفع لبعض الصحفيين الرياضيين والمؤثرين إعلامياً لجعله في صدارة الصور التي تخلق التأثير القوي في الناس، بغض النظر عما يكتب في السطور، لأنها لا تريد أن تخسر استثماراتها في ذاك اللاعب النجم، والصورة اللامعة.
ولعل الملعب الملكي يشهد هذا العام مثل تلك الغيرة بين أعضاء الفريق الواحد، فنشاهد «الباس» الصعب، وكان يمكن أن يكون من السهل الممتنع، و«الباس» البعيد الذي يجعل الزميل يهرول مثل الحصان التَعِب، وتلك الأنانية البغيضة التي تحرم الفريق، ولا تنفع اللاعب، خاصة في منطقة الحزام الناري.
المشكلة أن الغيرة والأنانية تغيبان في حصص التدريب والتمرين والإعداد، لكنهما تظهران بقوة مع أول مباراة، وهنا أيضاً يظهر سؤال: هل اللاعب يلعب لنفسه ومن أجل نفسه كحريف أم يلعب للفريق لأنه مستأجر وبعقد قانوني ملزم بالعطاء والتفاني؟
هل تلعب زوجات اللاعبين دوراً في إذكاء تلك الغيرة والأنانية بين لاعبي الفريق؟ وهل هناك غيرة من نوع آخر بين زوجات اللاعبين، تظهر في البيوت بعد كل مباراة؟ على شاكلة: 
- والله «امبابي» مب أحسن منك! خسارة فيه كل ما دُفع، كنت أنت الأجدر بها وأولادنا!
- لازم تتكلم مع مدير النادي وتعدل في عقدك الموسم القادم!
- كل الجماهير تمدح لعبك ومهاراتك وعطاءك داخل الملعب، ولولا جهودك ما فاز الفريق في أكثر المباريات!
- أنا أتحدث ليس كزوجتك ولكن كمشجعة للنادي، لِمَ يستلم شهرياً ضعفي ما تستلم، وهو لا يبذل ربع ما تبذل؟!
مع غياب اللعب الجماعي الممتع غاب الملكي، وطوى سجادته، تاركاً فقط تلك الأسئلة غير الرياضية.