ثمة كلمات تستل يقظتها من مشاعر الإنسانية، وهي ثرية المعنى في الروح والنفس، تتجسد في لغات البشر وسماتهم، وفي لغات الجسد، بمشاعر تتشظى اتساعاً، بحثاً عن الأمان والاطمئنان، ومنافية للغة البغضاء والتعجرف والانكسار الهزيل، فمهما اشتدت الحياة تفد كلمات المشاعر على بدء الفطرة، كلمات يتقاسمها البشر في لغاتهم، تنحت في مشاعر الفرح والحب والمناسبات الإنسانية التي ملؤها السعادة.
تتجسد هذه الكلمات نقية طاهرة في كل لغات العالم وتتناغم فيها بجمالية إنسانية، وبأسلوب سلس وجميل تحفها بشيء من تلاحم المعنى، وكأنها تستل من معين لا ينضب من لغات الحياة المنفردة بالكلمات المعبرة بالمشاعر الجياشة، كلمات لا تُمس منذ القدم، فهي تبحر في قاموس البشر اللغوي، وفي كيانات العالم بذات المعنى المتدفق من نبع صافٍ، يموج بالروح غبطة جياشة متبادلة ما بين البشر، تعبر عن سمات الإنسانية المتوهجة في آن واحد، إنها لغات الشعوب حين تتحد بعناصرها الجميلة وفروعها، وترسم كلماتها في صور بهية، ففي الأعياد تنسج عالمها الخفي بكلمات جميلة كالحلم، بها تستعيد الحياة شوقها للحب والسلام.
قيم الإنسان في لغته المعبرة عنها، المتوجة بالحياة عبر الزمن، لا يتسلل إليها النسيان مهما بلغت الإنسانية من احتدام، تظل كلمات المشاعر ذات الإحساس البسيط النابعة من الأعماق تغذي الروح وتهدي الجمالية للنفس، وتكتب ملحمة من مشاعر الحب لا تنتهي وتأبى الانحسار، وقد ظهرت فيما بعد لغة التعبير لبعض أصحاب الهمم لتنسج مشاعرها ما بين تعابير اللغات، ليصبح العالم في بهاء يتماهى بالتعبير الفطري ونسجاً من كلمات المشاعر، تطوف العالم في بناء إنساني منفرد بنقاء وفي علو مراتب تخاطب الحياة.
بكلمات المشاعر السائدة، والكامنة في لغة الامتنان والمباركة، تعريف تشظى في الحياة المتوهجة بالذاكرة، تهب البشر رونق إحساسها الخفي، فيستعيد الإنسان الشغف للحياة برمتها حين تسطر الجمل التعبيرية من الكتابات، وبلغات مختلفة علي بوابات المدن ومطاراتها لغات ترحيبية ملؤها تبادل الأعياد والمناسبات التي تنطق بالمشاعر الإنسانية وتكمن في النفس فرحاً، وتترجم شيئاً آخر من التقارب المتبادل بين الأمم وترابط اللغات في ترجمة المشاعر الإنسانية، في زمن أصبح العالم يترجم اللغات ترجمة حرفية، ويجعل المرء يبصر جل المحادثات عبر الوسائط الإلكترونية وأيقونات التواصل المجتمعي، شغف مبتكر، إذ أصبح العالم يتحاور بلغات مشتركة ويستشرف على الأمم ومناسباتها الحضارية، ويغوص في أعماق التراث والإرث الثقافي العالمي، وينسج تاريخها في ثقافته، كجزء من يقظة العالم الحديث وتبادل المشاعر الإنسانية في طورها المتجدد، تظهر وتنسج جمال العالم في حضاراته المتسامحة.