- كل ما أمر عند مبنى قديم في لندن، بشبابيكه التي لا ترى منها شيئاً، أشعر ببرودته الدائمة، وأن فيه ملفات وخزائن حديدية تسمع لها صريراً إن فتحت، تضم جرائم مسجلة ضد مجهول، وأسرار شخصيات كانت مهمة، وتتردد على لندن ببذخ، واليوم يضيفون لملفاتهم تقارير الأطباء المعالجين، ونوعية الأدوية الموصى بها لهم في مرضهم اللندني الأخير على ما يبدو!
- لا شك في أن «الأميركية» كلغة أكلت من حصة «الإنجليزية»، بحيث جعلتك تشعر أن «الإنجليزية» خلقت لعجائز لا يبرحن من جنب المدفأة، وهن يتناولن ذلك الشاي بالحليب الفاتر، وتمنعهن «كلاسيكيتهن» المنقرضة من الفرح بما يحدث في الشارع!
- الإنجليزي يمكن أن يركض تحت المطر والبرد القارس بسروال قصير، و«صيمه» ظاهر، لكنه يصر على أن يحمل مظلة تقي رأسه من البلل، من قال: إن النعامة تفعل فعلها في الرمل!
- يعني كل شيء يمكن يتغير، حتى «البلاليط» وضع الإماراتيون عليه بعض التحسينات والتعديلات، إلا الفطور الإنجليزي، مثل ما «احيده» قبل أربعين سنة، والمستمر على نفس الشاكلة منذ أيام الاستعمار الإنجليزي في البحار البعيدة، فاصوليا حمراء، و«توست»، وحبوب، ومشاكل لا تؤكل في حينها، ولمرآها من اللحوم المدهنة، ويقولون لك: «والله إنجليش بريكفاست»، طيب غيروا شوي، وخليكم مثل الإماراتيين حينما أدخلوا على «بلاليطهم» بعض التحسينات!
- بصراحة.. ما في أنحس من العجائز الإنجليزيات، لو تدق لهن الماء بيقولن: بعد نريد أنعم، وإذا تقدر تعال و«عاشيهن»، والله النشبة، واللي يفكك منها!
- كل الرجال يصبحون مغلوبين على أمرهم في آخر حياتهم، لكن مثل الإنجليزي ما شفت، حتى مصرفه بقياس، ويصبح شخصية فَرِقَة، وخائفة من أشياء كثيرة غير واقعية، وتعجل عجوزه به نحو هاويته التي لم يخترها، ويظل طوال حياته الأخيرة، يشكر زوجته - ولا يعجز- على أشياء لا تستحق في الأساس الشكر الكاذب، لذا نشكر الظروف على أن الكثير منا ليس «مستر براين» الذي يعتقد أنه مقصر على الدوام، وكثير الاعتذار على أشياء لم تبدر منه!
- ليس هناك من مكان مثل لندن، وعند الإنجليز وحدهم تلقى دكاكين مفتوحة من عام 1789 وقبل الثورة الفرنسية، ومازالت بنفس طلاء الباب القديم الأخضر الغامق، ويبيع فقط «نشوق» مثلاً أو «خيوط جواتي» من النوع الإنجليزي الذي ما ينقَصّ بسهولة، وتلقى عنده زبائن ويفتح في ساعات معينة ومدونة، ولا يشكو بأساً من أي تقلبات مالية أو نهضة عصرية، وتلقى ذاك الحانوت رَبّى أجيالاً عديدة من المستعمرين الإنجليز، وبعضهم لاعبو كرة مشهورون، وكل رأسماله «لوقة نشوق» أو «خيوط جواتي من الولايتي»!