بين نهائي جنوني لكأس السوبر الإيطالي، بين الكبيرين والغريمين الإنتر وميلان، باستاد الأول بارك بالرياض، الذي ذهب باللقب، وشارة التميز إلى ميلان، و«كلاسيكو» كأس خادم الحرمين الشريفين بين الهلال والاتحاد باستاد المملكة أرينا الذي عبر بـ «العميد» إلى الدور نصف النهائي، يوم واحد، لم يشعرني شخصياً، وأنا أتفحص المباراتين، أنني أنتقل من قارة إلى أخرى، من كرة قدم محجوز لها مكان بين صوامع مشعة بالمتعة التقليدية، وبين كرة قدم أخرى توجد في الطابق السفلي، ومع اختلاف الحبكة الدرامية، ومع اختلاف الوصفات التكتيكية، كانت هناك وحدة موضوعية في المنتج الكروي، صورة تكاد تكون طبق الأصل للاحتفالية والإبداع والإثارة.
قطعاً لم يكن في عقد المقارنات بين العرضين الكرويين الفاخرين، على اختلاف هويتهما وحتى طباعهما، ما يقول إن هناك فوارق يستحيل معها القياس، وبرغم ما يباعد بين الكرة الإيطالية، والكرة السعودية من سنوات في التقاليد والأعراف الاحترافية، إلا أن «ديربي» الغضب الميلاني، وقد أتحفنا بمنتج كروي جميل، لم يبتعد كثيراً في المحتوى عن «كلاسيكو» الكرة السعودية الذي جعل من مباراة للدور ربع النهائي لكأس خادم الحرمين الشريفين، منصة لتقديم الدليل بعد كثير من الدلائل الأخرى، أن الأندية السعودية ارتقت لدرجات متقدمة في تمثُل المستويات العالية جداً، وهنا يتعدى الأمر الجوانب التنظيمية البالغة الحفاوة والفخامة، ليصل إلى روح اللعب، إلى كرة القدم المركبة التي كنا نظن أنها محجوزة لأندية ودوريات القارة العجوز.
كانت «الريمونتادا» الخيالية لميلان في نهائي الجمال، صورة طبق الأصل من السحر الذي جاء به المدرب سيرجيو كانسيساو من وطنه البرتغال، الذي لمع فيه نجمه وسطع بنادي بورتو، ليهبه إلى «الروسينيري»، وبه عبر حاجز «اليوفي»، وبه أسقط الإنتر وحال بينه وبين لقب السوبر الإيطالي الرابع توالياً، وبه سيحلم الميلان باستعادة الزمن الجميل، فقد تقدم الإنتر في مناسبتين، وظن الكثيرون أن إنزاجي سيضع على البساط خرسانات دفاعية من وحي «الكالشيو»، ليقتل الزمن وقلوب الميلانيين، إلا أن ما كان في الجولة الثانية سفر مجنون لـ «الروسينيري»، إبداع كروي لجرافات أسقطت الحواجز والعوارض، لتصنع عودة هي أكثر ما تحتفي به كرة القدم.
في مباراة الهلال والاتحاد، شاهدنا مبارزة تكتيكية بين جيسوس البرتغالي، ولوران بلان الفرنسي، جسدها اللاعبون بمهارة عالية على أرض الملعب، كان السجال قوياً بكل أدواته البشرية والتكتيكية، ليمنحنا في النهاية مباراة يليق بها أن تكون شبيهة بما نشاهده في «البريميرليج» أو في «الكالشيو» أو في «الليجا»، وتعطيني الحق في ما ذهبت إليه، من أن نهائي السوبر الإيطالي، وربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، وجهان لعملة واحدة من المتعة والاحتفالية والكرة الجميلة.