- من أسباب الاشتباك والعراك والملاسنة بين الشواب والعجائز في كل وقت وحين، ومنذ أن يصلون الفجر تلك الأوجاع التي يشتكون منها، والتي تجعلهم يئنّون منها بصمت دون أن يفصحوا عنها للآخرين القريبين، مما يجعل النَفَس عندهم قصيراً، والزعل حاضراً، والتبرم جاهزاً، وغير قادر أحدهم على تحمل الطرف الآخر.
- تتعجب من الولد الذي يشبه أمه التي تظل تحببه من الصبح بالفطور، وتحط في صحنه ما يفيض عن شبعه، وتعامله كرجل متوج وحيد، وبين كل لحظة ولحظة تتأمله بفخر منقطع النظير، وتضع كل آمال المستقبل عليه، والأب جالس ينظر ويطحنه الغيظ، ويبدو كأنه اليتيم الوحيد على تلك الطاولة، يظل يراقب بعين منكسرة ذلك الحب الطائر بعيداً عنه، ويتفكر في المرأة التي كان يعرفها، وقد تغيرت وجهة بوصلتها، وأصبحت تعامله مثل عم كبير، كثير التوجع والتذمر، وغير مرغوب فيه في البيت.
- ما أدري لماذا كلما أسمع حديثاً باللغة الألمانية، تلك اللغة التي تشبه تكسر خشب المراكب الكبار، أتذكر تلك الأفلام غير الواضحة الصورة، والمنسوخ منها كثيراً على أيام «البيتماكس والفي اتش اس» والتي لا تحمل أي ملكية فكرية ولا حقوق النشر والطبع، أو الأفلام التسجيلية عن الحرب العالمية الثانية بالأبيض والأسود التي تصف دك جيوش الحلفاء؟ اللغة الألمانية تشعرك، إن طلبت بها أكلاً، بأنه سيكون غير شهي، ومدهناً، وبارداً قليلاً، وإن توددت بها ستأتيك صفعة لا تدري من أين، وإذا تبعت اثنين يتحدثان بها، فلا يمكنك أن تظن إلا أنهما ذاهبان يحتطبان في الظلماء.
- الرئيس الأميركي كارتر، وقرن من الحياة، ويكفي، لا أجد أحداً مثله في التاريخ الحديث قضى وقته، وبلغ شأوه، ووصل بعلمه وعمله إلى أعلى المناصب، وطهر نفسه بالعمل الخيري، وأمدّ الله في عمره، لا يشكو بأساً ولا عِلّة حتى أتمّ المائة عام بالتمام، وقال: آن لي أن استريح وأنام متوسداً قرناً من الحياة والزمان، وتلك الحكمة الغائبة عن الكثيرين!
- لو أن الواحد يطلب من الحَاجّة أن تعمل «تاتو» جميلاً ومنسقاً على شاكلة ما تعمل النساء الأوروبيات لإضافة بعض الجماليات، بمناسبة العام الجديد جلباً للحظ أو حتى من باب التغيير في الحياة، أسميها ما بيصبح عليها الصبح إلا وتلقاها طامحة عند بيت أهلها، المشكلة إذا كنت تريد أن ترضيها وترجعها لبيتها، وتقول لك: أنا ما عندي كلام وياك خلاص، الكلام مع «أخوي»! وتعال أنت برعونتك، كيف بتشرح «لأخوها» المسألة برمتها، ولا تخشى بطشه، وأن كل الموضوع كان من باب التغيير وكسر الروتين وإضفاء «نيو لوك» ! وأنك الآن تريد أن تردها للبيت ولعيالها متبرقعة، بعيداً عن أي نزق رجولي يمكن أن يطيح بركن مهم في البيت!