في بدء صباح كل عام جديد يتوارى البشر خلف بيوتهم بعد احتفاء بعام جديد صاخب، وهم قلة قليلة تخرج مبكراً، تمرر هدوءاً متزناً، تترك بصمات من تجوال وتأملات، تنساق خلف خطواتها، فكي لا أنسى مشارف بدء العام أوثقها بلحظاتها المتجلية خير توثيق، فاتشح بآلة التصوير واذهب إلى البحر يستهويني أن أرى هدوءه يغفو على صحو متشوق برائحته الجاذبة، أصوب عدستي مصوراً الطبيعة من حول البحر.
في أول العام ترى سحر الحياة يتجلى ونبضها يسري بجمالية الصفو والسكينة وزرقة السماء، وطيور السنونو تحلق وتهفو، ترى الطبيعة في حال مبهج وضاء، وضوء الشمس بنوره ساطعاً يلامس أمواج البحر وهي تراقص السواحل، وتتأهب ذاهبة بلطف محملة بكلمات ضوئية فضية نقية إلى أعماق البحر.
في يوم البدء يتجسد الصحو في خيال العالم إلهاماً سحرياً يشعل الوقت بزمن ينصهر رويداً في ذواتنا، ويرحل العام المنصرم شيئاً فشيئاً ويمضي بنا نحو عالم جديد من سماته التقنية المبتكرة، وقبيل شهور عشت بعضاً من تجارب جديدة هذا العام، منها السيارات آلية القيادة، تشعرك بدقتها بمنتهى الالتزام والإبداع، وترى في هذه التجارب، ومنها الذكاء الاصطناعي صورة تستقبل العام وتشي بمستقبل وبعالم جديد من التشكل، لم أكن لأنسى تجارب جميلة ومفيدة لها جوانب عدة من البهاء تلامس المرء بشغف لما هو قادم من جمالية الحس الإنساني ولذة العالم المتجدد، بهذا الشعور يتقبل الإنسان فكرة العالم الجديد بالعام الحضاري المتوهج.
استعادة روح الحياة، هذه النظرة الشمولية والإنسان محورها على قدر التوهج التقني، وكلما تماهى في مدد عالم جديد من تقارب الفكر الإنساني والعلوم وثقافة التجدد وبهاء التشكل، كلما التقى زمن بزمن وما بين زمنين يفضي الإنسان نحو التبصر جلياً بما مضى من العالم وإبصاراً بما حان وبما هو آت، رويداً يختلق التأملات مستحضراً عالماً جديداً وعاماً ينحت الثواني برتم خفي، يطل بسحر وجودي يعزز قيم الإنسانية ويظهرها بجمالية تامة تتويجاً لما مضى من حصاد السنين، واستكمالاً لعام متجدد يغمر البشرية بمشهد الآتي البهيج، الذي يجسد عالماً من التوقعات ومن الجدل العلمي والثقافي وقراءة المشاهد بصورها الزمنية المتدفقة بفضاءات مبهرة.