شهرٌ فضيل تجلَّت فيه سمات المجتمع الإماراتي بإنسانيته وأصالته، يذكّرنا بعطاء المؤسس الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وهو شهر التسامح والغفران.
في جلسة نظّمتها لجنة التسامح في الأرشيف والمكتبة الوطنية في مهرجان الشيخ زايد في الوثبة، حملت في طيّاتها أجمل ما في الماضي، وتبادلنا الحوار حول القصص المأثورة والحِكَم التي تبقى خالدة بصدقها ومبدئها، تحدّث الحاضرون عن محطات مشرقة من تاريخ الإمارات، فسرد أحدهم علاقة المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بالزراعة، وكيف حارب التصحّر وتحدى الدراسات، فأثبت أن النظرة الثاقبة والمعرفة الراسخة والشجاعة قادرة على نقل الأمم من متاهات التاريخ إلى صناعته، تسابق الحضور في مشاركة الروايات التي تناقلوها عن آبائهم وأجدادهم، قصصٌ تُروى في دوائر ضيقة ولا يعرفها الكثيرون، أسعدني اهتمام الشباب بالتاريخ، وكأنهم ينقّبون في الماضي ليضعوه نبراساً للمستقبل.
رمضان في الإمارات له طابعه الخاص، ليس فقط في روح الصيام، بل في سجادة التواضع والعطاء التي يبسطها على الجميع، في أحيائنا، تنتشر بيوت الخير، وعند الإشارات الضوئية يقف متطوّعو «الهلال الأحمر»، يوزّعون وجبات الإفطار على المرتحلين شرقاً وغرباً، من دون النظر إلى دين أو لون، فالجود هنا سبيلٌ يصل إلى الجميع.
للعارفين أقول: قبل حلول شهر البركة، ترقّبت الهلال ودعوت الله أن يبلّغني إياه، وحين أتى، قلت: أهلاً. وحين مضى نصفه، قلت: مهلاً. ولمّا اقترب الرحيل، قلت: وداعاً.. الخير سريع العبور، لا سيما حين يمضي إلى دروب الأجر والمغفرة.
عيدكم مبارك، وأسأل الله أن يبلّغنا رمضان عاماً بعد عام، ونحن، والإمارات، وأهلها الكرام، بخير وجمال.