النجاح اللافت الذي يحصده برنامج «قلبي اطمأن»، يليق بكل ما يتضمنه من خصوصية فنية وإنسانية، استطاعت أن تُحلِّق به، حاملة معها العديد من الرسائل والمضامين.
ولعلّ أولى هذه الرسائل تكمن في عدم إظهار وجه «غيث»، رغم أنه بطل الحلقات، الأمر الذي يعطي درساً خالصاً في أن العطاء الإماراتي يعمل دون صخب بعيداً عن الاستعراضات الإعلامية، وأنه سلوك حضاري يمليه علينا ضميرنا الإنساني، وتدفعنا إليه قيمنا الإماراتية الراسخة، وتقاليدنا التي تربينا عليها.
أما ثانية هذه الرسائل، فتكمن في الإشارة الجلية إلى العطاء باعتباره سلوكاً وطنياً، ومنهاجاً وفكراً متأصلاً في «الشخصية الإماراتية»، يتوارثه الأبناء عن الآباء، مُعبِّرين عن أصالتهم وسموّ ثقافتهم، وجوهر مجتمعهم.
كما أن الاحترافية الفنية التي يتسم بها البرنامج، تشير بوضوح إلى واحدة من استراتيجيات إعلامنا الواعي الذي يواكب طموح الوطن وإنجازاته وهويته وشخصيته وثقافته، ويقدم محتوى يحمل قيمه، ويجعل من المادة المتلفزة أداة للتواصل الإنساني والتفاعل الإيجابي، وقوةً ناعمة تخلق طمأنينة تملأ الأعماق، وتبعث رسائل أمل عابرة للحدود.
أمر آخر، يشير إلى حلقات «قلبي اطمأن»، وهو أن الإمارات لا تنظر إلى العطاء على أنه مجرد واجب اجتماعي أو إنساني فحسب، بل هو فنٌّ يعكس قوة الإنسان في التأثير، وأن التحفيز على المشاركة في عمل الخير يمكن أن يكون رحلة يمارس فيها هذا الفنّ بشغف وإبداع، محقّقاً التغيير الإيجابي في حياة الآخر.
أما الرسالة المتجددة التي يحملها «غيث»، فهي أن قيم زايد ما زالت حيّة في ضمائرنا، وأننا سنظل نحافظ على هذا الميراث الثري، بعمل دؤوب، قادر على تجاوز عوائق الزمان والمكان، وغير مرتبط بأبعاد سياسية أو مواقف أو أحداث.
في «غيث»، نرى ملامحنا، ومع «غيث» تتجدد قوافل عطائنا، وبـ «غيث» تصل رسائلنا الإنسانية إلى عناوينها ومحطاتها، ومن خلاله نمدّ أيدينا بالعطاء لكل محتاج.
ستظل بلادنا عاصمة للخير، وستترسخ مكانتها الإنسانية والحضارية مركزاً للتسامح، ومثالاً على الفعل الإيجابي والتجارب الملهمة.