قامت السلطات البلدية والصحية في إحدى دولنا الخليجية الشقيقة مؤخراً بإغلاق فروع سلسلة مطاعم شهيرة للحلويات بعد تسجيل حوادث تسمم غذائي استدعت إدخال أصحابها إلى المستشفيات. وقد رفع العديد من ذوي المتضررين قضايا على المطعم الشهير بأطباقه المتنوعة من الحلوى التي يعد الحليب المحلى جزءاً منها.
تصرف وقرار حكيم تقوم به السلطة المعنية بسلامة الغذاء في كل بلد يولي صحة وسلامة مواطنيه أولوية قصوى، كما نحن هنا في الإمارات نحظى بالمستوى الرفيع والمتابعة الدقيقة والدؤوبة التي توليها «الزراعة والسلامة الغذائية»، وكذلك وزارة التغير المناخي والبيئة ودوائر الصحة والبلديات لكل ما يتعلق بالزراعة والغذاء انطلاقاً من حقيقة أن سلامة الغذاء من سلامة الإنسان.
وكان ذلك المطعم الشهير ومأكولاته محل جدل واسع وانتقادات أوسع من قبل خبراء التغذية والصحة والأطباء على حد سواء جراء النسب العالية جداً من السكر في مكونات أطباقه، بصورة تساهم في تقويض الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئات الصحية في منطقتنا الخليجية، وفي مقدمتها الإمارات، للسيطرة على مرض السكري المنتشر وبنسب كبيرة. ولذلك جاءت الاستراتيجية الوطنية للتصدي للمرض الذي يعطل وتتأثر به طاقات شابة جراء ما يترتب على عدم الاعتناء بالغذاء وأنماط الحياة الصحية.
من هنا تجددت الدعوات لفرض قيود على مثل هذه المأكولات التي لا تختلف أضرارها على الصحة عن المأكولات السريعة أو «الجنك فود» التي اضطرت العديد من الدول لتحديد نسب السعرات الحرارية فيها لحماية النشء والأجيال الشابة من مخاطرها الصحية، وفي مقدمتها السمنة وأمراض القلب والشرايين، وتشجيع أفراد المجتمع على ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية وأساليب الحياة الصحية تعزيزاً لجودة الحياة.
وتابعنا كذلك كيف أصبحت ولاية فرجينيا الغربية أول ولاية في الولايات المتحدة تفرض حظراً شاملاً على استخدام سبعة أصباغ اصطناعية ومادتين حافظتين في الأطعمة في الولاية التي تعتبر من الأقل صحة في البلاد، حيث تسجل أعلى معدلات الوفيات التي يمكن الوقاية منها. كما قدّم المشرّعون في 20 ولاية، منها أوكلاهوما ونيويورك وكاليفورنيا، 40 مشروع قانون تهدف إلى تقييد استخدام هذه الأصباغ، التي تُربط بمشاكل سلوكية وعصبية لدى بعض الأطفال.
اليوم، الكثير من المجتمعات أعلنت حالة الاستنفار، وكثفت جهودها لمحاصرة الأضرار الصحية المترتبة على انتشار الوجبات السريعة والمأكولات غير الصحية ومكوناتها الخطيرة والمواد التي تستخدم في تحضيرها، وبالذات النسب المبالغ فيها من السكريات والمحليات، وكذلك زيوت الطبخ المضرة وما تعرف بالمهدرجة.
وتقع علينا جميعاً مسؤولية توعية أبنائنا وبناتنا بهذه الأخطار، وبانتظار قرارات ملزمة نقول: اليد الواحدة لا تصفق.