في أسبوع أبوظبي للاستدامة شاهدنا، وتابعنا، وقرأنا، ولمسنا، وأحسسنا أننا اليوم أصبحنا في قلب العالم، وفي روحه، نستمد مكانتنا من قدرتنا على مد الجسور، وفتح القنوات، وفرد الأجنحة، وتمتين العلاقة بيننا والآخر، بوساطة قلوب أصبحت نوافذ، وأرواح صارت أشرعة، وعقول مدت ساريات العلم إلى حيث تكون هناك ريح بشرية.
من لاحظ بعقل ثاقب كيف كان العالم يصطف في رحابة على أرض الإمارات، وكيف كان المشهد مزدهراً بابتسامات الفرح، لكون الحشود وطأت أقدامها على الأرض المباركة، وقد احتوتها أيد مجبولة على الترحاب، موصولة بنياط أفئدة، مكانها الدفء، وأصلها الكفاءة في مصافحة الآخر.
الإمارات آمنت منذ البدء، بأن الوجود اختيار، وعدم الاختيار عدم الوجود، ولذلك اختارت القيادة الرشيدة أن نكون بين العالم شجرة، يستظل الجميع بظلها، ومن ثمرات أغصانها، يجد كل قاصد ما يتمناه، وهذه سنة إماراتية، وفضيلة من فضائل الباني المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى أثره تمضي ركاب القيادة الرشيدة، بمهارة منقطعة النظير، تسبر سر الحياة بحنكة النجباء، وتقتفي أثر الحب في ضمير الإنسانية كون الحب هو ترياق التواصل، وهو إكسير النجاح في بناء عالم تستديم حياته على أسس عاطفية منطلقها العقل، وهدفها المشروع الكوني واسع الظلال، متين الأواصر، واثق الخطوات، ثابت الأركان.
هذا ما تصبو إليه الإمارات في علاقاتها مع العالم، وهذا ما ترمي إليه وهي تتوجه إلى الآخر، بطموحات منبتها تأسيس بنية تحتية عالمية تستند إلى الوعي بأهمية أن نكون معاً، وأن نبني قوتنا الاقتصادية من واقع اتحادنا، وإدراكنا بأننا عندما نسير كتفاً بكتف، نستطيع أن نسد الفراغ، وأن نمنع تسرب العواصف إلى أمكنتنا، ونمضي بحضارتنا البشرية، في سلام، ووئام، ونحقق تطلعات الأجيال، ونمنع تسرب البغضاء، ونكبح خلايا الكيد، والمكر، والخبث من الدخول في حياض العالم، ونصبح في الدنى فراشات تبني مشاعرها على أساس العطر المنبعث من وريقات الزهر، ونصير في الحياة أشجاراً عملاقة تلامس أغصانها عنان السماء، وتمسك ثمراتها أكمام النجوم. 
ما يحدث في الإمارات لهو الغيث الهطول الذي يروي زرع العالم، ويمنح جداوله الفيض، حتى ترتع غزلان التطلعات البشرية بكل سعادة، ومن دون منغصات، ولا مكدرات، وهذه هي رقية الإمارات للعالم، وهذا حرزها الذي أصبح اليوم مثار سؤال كبير يدور في عقول الآخرين، مفاده: كيف استطاعت الإمارات في غضون عقود من الزمن أن تصبح نجمة عالمية في وسط ظلام العالم؟ نقول وبكل بداهة، وعفوية، هو ذلك الوعي المخضب بالحب، هو ذلك الإحساس المرهف الذي لامس أسئلة الحياة بذكاء وفطنة، مما جعله السر الحقيقي الذي جعل الإمارات تتوسط العالم بشعاع يفتح آفاق التقدم والازدهار للعالم أجمع، فيما لو سارت جميع قوافله في الدرب نفسه الذي هيأته الإمارات، وفتحت مساراته، باتجاه التطور والرقي والتقدم في مختلف المجالات، وجميع الميادين.
فلا نبالغ أن قلنا اليوم، إن الإمارات رمانة الميزان في هذا العالم، وهي الثمرة الحقيقية لعقل ثاقب نقب عن الحقائق في ضمير الناس، فوجدها تكمن في الصدق، إنه الكلمة الفصل في صناعة الأمجاد، وهذا ما تتمتع به قيادة الإمارات، وهي تخاطب الجميع بلغة واحدة لا سواها، بالصدق ولا سواه، لأنه العمود الفقري لكل نجاح في شؤون الحياة.