تبقى الأسئلة هي نافذة العقل لفتح المجال لإجابات أحياناً تكون رحمة، وأحياناً تكون محنة، الأمر الذي يجعل الإنسان قيد البحث عن السعادة في خضم الأسئلة التي تقطف ثمرات الإجابات المتفائلة، وقيل في الفلسفة إنه منذ اثني عشر ألف سنة برزت القوة العظمى التي تسمى الخيال، هذا الكائن السحري هو الذي شغل العقل وجعله في حومة الوغى يبحث عن السعادة في ثنيات أسئلة تخوض معاركها الضروس من أجل القبض على الإجابة الخرافية العظيمة. وكان العقل هو ذلك المكان الذي يخرج منه الخيال، والعقل هو ذلك الكائن العملاق الذي يسرد القصة الخرافية، وهو الذي يتحايل على الواقع كي يخلص الإنسان من زحمة الأسئلة المربعة، فما كان منه إلا أن اخترع الرمز، ليغفل به الصور الخيالية التي تحول الوهم إلى واقع معيش. ولكن في كثير من الأحيان تكون الرموز مثل طيور بدائية تسقط على الإنسان، في صورة أحلام نوم، أو أحلام يقظة، وبالتالي أصبح هذا الإنسان يعيش الفيض الحلمي، مستنداً إلى ثوابت ربما تكون قصصاً مروية أو حكايات يصنعها العقل بنفسه ليخفف من وطأة الواقع؛ ولذلك قيل عن الحلم وعن الخرافة إنهما مماطلة على الجوهر.
واليوم كل ما نشهده من صراع بشري في المكان الواحد، أو في الأمكنة جمعاء، هو نتيجة لصراع الوهم والواقع، أو الحقيقة والخيال، وكل ذلك يحدث لأن العقل لم يزل يمارس لعبة التحايل على الواقع، ليهرب من مسؤولياته الجوهرية، وأهمها سعادة الإنسان للإنسان.
في الإمارات وبفضل القيادة الواعية، والمستندة إلى حكمة الموروث التاريخيّ وما تركه الأفذاذ من أبناء هذا الوطن الحبيب، نجد أن العقل استطاع خلال عقود قليلة من أن يتحرر من وهم الخيال، ليمسك بحقيقة الخيال، الأمر الذي جعل الإمارات الدولة ذات العقل الراجح، الرابح، الكابح لكل أشكال الوهم، ليصل إلى حقيقة من أن السعادة هي وليدة واقع يرتع في بساتين الواقعية، ومن دون أشواك وهمية تعوق الطريق إلى السعادة، ولهذا السبب أطلق على الإمارات بلد السعادة، حيث السعادة لا تنمو، ولا تترعرع، ولا تشع، ولا تلمع كعناقيد الذهب إلا في المكان الذي تزدهر فيه العلاقة الواضحة بين القيادة والشعب، علاقة مضمونها الحب. والحب هو ذلك الترياق الذي يمحو أثر الأوهام، هو تلك القوة الجبارة التي تهزم الأفكار السوداء، الحب هو تلك المنطقة التي تحلق فيها فراشات الفرح، الحب هو تلك المسافة المتلاحقة بين الابتسامة الشفيفة، والفرح، وبين الأحلام الزاهية، والعمل اليومي المرصع بمشاريع الهدف منها إسعاد الإنسان، ورفعة شأنه، ورفاهية حياته.
اليوم في الإمارات نشهد كل هذا واقعاً معيشاً تمارسه العقول بكل شفافية، وصراحة، ووضوح، يجمعها الحب على مائدة القواسم المشتركة، والمصالح الواحدة، حيث اختفت الأنا، وصار الواحد في الكل، وأصبح الكل يدوزن أوتار الحياة على نغمات قيثارة إماراتية لا تشبه إلا نفسها، لأنها اختارت التفرد، وأصبحت الاستثنائية صناعة إماراتية بحتة، لا شريك لها، ولا شبيه، ولا موازي لها، ولا مساوي.
هكذا تحولت الأسئلة في الإمارات إلى إجابات مزروعة في تربة العمل الدؤوب، من أجل مستقبل هو السعادة؛ لذلك لا نسمع ولا نرى عن صور سوى صور النهار الذي يغدق الجميع بمصابيح العطاء، والمسعى المبارك من لدن نفوس سخية، مادتها في الحياة، اختراق المجهول بعلم مصدره الوعي، ووعي قيمته الإدراك بأهمية أن يعمل الجميع من أجل الجميع حتى تصبح الراية ملونة بألوان أربعة، هي أبيض النقاء، وأخضر النماء، وأحمر الارتواء، وأسود الاسترخاء.