بعد 10 بطولات متتالية لكأس الخليج، تبادل خلالها منتخبا الكويت والعراق السيطرة على اللقب، دخلت منتخبات خليجية أخرى دائرة القمة بدءاً من بطولة 1992، ثم باتت 7 منتخبات من الثمانية مرشحة للمنافسة على اللقب فيما بعد، وهو ما أضفى على كأس الخليج الحياة والبهجة، لكن في تقييمات استوديوهات التحليل وضعت خمسة منتخبات العراق والسعودية والإمارات وعُمان وقطر مرشحة للمنافسة على لقب «خليجي 26»، وربما تأثرت وجهات النظر هنا بشهرة قوة الدوريات المحلية في السعودية والإمارات وقطر وبنتائج البطولات الأخيرة التي دخلها منتخب عُمان بقوة، والذي توج ببطولتي 2009 و2017، ولعب نهائي «خليجي 25» أمام العراق وخسر.
في «خليجي 26»، تأهل منتخبا البحرين وعُمان للمباراة النهائية، بينما خرج المرشحون، بقوة الدوريات المحلية وشهرتها، وبغياب التنظيم الدفاعي والأخطاء الدفاعية، لاسيما بالنسبة لمنتخب الإمارات، الذي تقدم بهدفٍ أمام عُمان مبكراً في الدقيقة 20 أحرزه يحيى الغساني، ثم سجل عبد الرحمن المشيفري هدف التعادل لعُمان في الدقيقة 79، وكان الهدف رقم 1000 في دورات الخليج، الذي أخرج «الأبيض» من «خليجي 26»، بالاشتراك مع ليما الذي أهدر ركلة جزاء حاسمة!
تلك الدراما من أسباب قوة ومتعة وإثارة مباريات كأس الخليج لكرة القدم التي تشهد مباريات أخرى خارج حدود الملعب بين رؤساء وفود وبين مدربين وبين لاعبين، لكنها تبدو في النهاية جزءاً من روح البطولة، حتى إن إبراهيم لطف الله حارس مرمى منتخب البحرين تعرض لانتقادات «تحليلية» بسبب وزنه الزائد، وتعامل معها بروح رياضية وخفة ظل، وهو ما تجلى في تصريحاته عقب اختياره أفضل حارس في البطولة.
تلك هي روح كأس الخليج لكرة القدم، أفضل بطولة عربية للعبة الشعبية الأولى، فالمنافسة حامية الوطيس، والأجواء الحماسية تخيم على أوساط البطولة وعلى المدرجات، وتسمع طوال المباريات أهازيج التشجيع، وفي النهاية يفرح الجميع بالبطل؛ ولذلك عاشت كأس الخليج كأنها احتفالية خاصة تنتظرها المنطقة، وصنعت شعبيتها، وصنعت تطوير اللعبة، ووضعت منتخبات وفرق أندية غرب آسيا كقوة مركزية منافسة لمنتخبات وأندية شرق القارة.
مبروك لمنتخب البحرين التتويج بلقب «خليجي 26»، و«هارد لك» لمنتخب عُمان، وقد أكدت البطولة أن الدوريات الشهيرة ليست بالضرورة أن تكون سبباً لترشيح منتخبات على حساب منتخبات، ولا أظن أن شهرة دوري البحرين ودوري عُمان تنافس شهرة الدوريات المحلية في السعودية والإمارات وقطر. وأكدت البطولة أن نتائج تصفيات كأس العالم ليست بالضرورة سبباً لترشيح منتخبات على حساب منتخبات.. وأكدت البطولة أيضاً أن منتخب الكويت الغائب منذ زمن أصبح في الطريق لأن يعود كما كان، وأخيراً أكدت البطولة أن دور الجماهير في الشحن والتشجيع يولد الحماس والكفاح في صفوف الفريق، وأن مهارة النضال في الملعب، تحسم أحياناً النتائج.
** أتابع بطولات كأس الخليج لكرة القدم منذ عام 1976، وأستمتع بما فيها من مباريات ومنافسات ومفاجآت ودراما، وأستمتع أكثر بأنها بطولة عربية عاشت ونجحت.. عاشت وحدة شعوب وجماهير الخليج.