حوار الحياة حبل مشدود بين السين، والجيم، وما بينهما فكرة تمضي على كتف حوار، تجلله مساحة شاسعة من الأسئلة، نحن الذين نضع النقاط على سنام الجملة الغامضة ونحن الذين نسير ركاب الكلمات على سطح مياه ساخنة كأنها المحيط في عمقه، ولجة زرقته. 
الحياة سؤال تمتد رماله على صفيح الذاكرة، مجدولة كأنها العناقيد في أسرارها، وفي أطوارها، نحن الذين نسكب السكر في كأسها، ونحن الذين نضيف الملح في إنائها. في العزلة المجللة، بثياب أسئلتها نشعر أن الكون ليس إلا طبقاً عملاقاً، نحن الذين نملأ خزفه بأشكال وأنواع من أسئلتنا، وما إن نقف على بوح الوجود، يكتمل بوح الذات، ذاتنا نحن الصغار جداً، أمام الفيض الهائل من مجريات، ومستجدات، ولا نعلم كيف يمكن لهذه الفراشات الملونة بأحلامنا، أن تسفر عن وضح نهار، شتوي فيه شيء من البرودة، وشيء من الدفء، وأشياء من ذكريات ماضٍ تولى، ووجوه مرت من هنا، من طرف الذاكرة، تخبرنا أن الحياة مثل عربة، قد تتجاوز وعورة الأيام، وقد تعلق في حفرة ما فتعيق طريقنا إلى النهوض، والاستمرار في المشي على تراب، بلله الندى بملح ضباب أو سكر غيمة طارئة، مرت من خلف جدران منازلنا، فأيقظت فينا ذكريات، طفولة كانت تغتسل بماء المطر، وكان المطر يغدق على أحلامنا سكر الفرح. 
في الإمارات تبدو الحياة مثل سحابة شفافة، تظلل رؤوسنا، فتمنحنا الفرح، في الإمارات لا شيء يتوقف عن الأسئلة أكثر من العزلة في جمالها الأخاذ، ولا شيء يثري القلب مثل الطبيعة الخلابة وهي ترقص الأشجار، وتتشارك مع الطير الغناء، والعازفون كثر، ها نحن اليوم بين هذه الأخصان المخملية نرتشف الفرحة من تلافيف المكان المخصب بترف، وبذخ، مكاننا الإماراتي البهي، ومكاننا الإماراتي اليانع مثل لوزة لونت قشرتها بالأصفر الزاهي، مكاننا الإماراتي الحالم بغد مشرق، تخيط قميصه شمس كأنها السبيكة في قيمها، وقيمتها. 
وأنت تقف عند جادة ذاكرة قديمة قدم الدهر، تشعر بأنك تغوص في بحيرة ملأى بأجنحة الطير المهاجر، والمقيم، تشعر بأنك تجلس على طاولة، وأمامك ورقة بيضاء، وترسم صورة الوطن بقلم حبره من دم قلب، ساخن، تشعر بأنك تقتعد كرسياً، وتقابل الشارع الفسيح وتنظر إلى المباهج المبهرة، وهي تطوي عجلة الأيام، ببكرة ذاكرة لم تثقب بعد، بل هي في التمام، والكمال، تحفظ الدرس، وترتل آيات الجمال في بلادك، وتغني أنت من أجل الجمال، من أجل إنسان ارتفع فوق السقف، وتواصل مع الغيمة، وتشاركا مسؤولية العطاء، وبناء عرش وطن لا يشبه إلا نفسه، وطن في كل يوم يرتدي حلة أجمل من سابقتها، والقافلة مستمرة في رحلة التلوين، مستمرة في مشوار التزيين، مستمرة في وضع أثمد الجمال على كل رمش، وكلما استمرأت النظر في المشهد، بزغ أمامك قمر يضيء مكانك، ويمنحك النور، وأنت لا زلت الطفل الكبير، تحلم، وتتعلم من جمال الوطن رونق الروح، ومهارتها في بث الحب في كل الأرحاء، ولا فرق عندك، بين الصديق، أو الشقيق، فكلاهما يكمل في داخلك البناء النفسي، وكلاهما يجعلك مكتملاً.
 وكلك في بعضها، وبعضك في كلها، كيان خاتمته مسك، كما أن بدايته من عطر وطن، صنع من الرمل مستقبلاً أزهى من النجوم، وأجمل من العيون الحور، وفي طرفه، وفي محجره تسكن أسئلتك المذهلة، أسئلة مفادها أنك اليوم أضحيت مولوداً جديداً بفعل البديع، الأصيل. 
فشكراً للذين يصنعون فرحتنا، وشكراً للذين يجعلوننا في قلب الابتسامة دوماً.