صفقت النجوم، وهلّلت الأقمار، وزفت الكواكب زائراً من أرض النجباء، جاء يسبر غور المكان الفسيح، في فضاء جلّله الله بأسرار، وأخبار، وأطوار، هناك حيث تكمن حقائق، وتسكن رقائق، عالم يحوك معطفه من أهداب شموس ظلت غائرة في ثنايا وأعطاف الكون، حتى تجلّى النورس الإماراتي، وأفرد جناحي الحنكة، ورمى بعيني التطلع قوس السماء، نظرة ثاقبة نحو أبعاد في الفضاء، هي صفحات في تاريخ العالم، وهي صحائف وكتب لها في ضمير الإنسانية عمق الزمان، ورونق المكان، واليوم تهم قافلة الإمارات بالنهوض، والصعود إلى حيث تكمن تلك الخبايا الكونية، مستفيدة من عقول إماراتية بحتة، لاكتشاف ذلك المكنون والتعرف على عالم لم يزل يضم أسراره في كينونته، ولم يزل يخبئ أخباره في جيوب مليارات النجوم والكواكب، التي تحيط بسمائنا، وتمسك بزمام الأسئلة، وتجعل الاقتراب منها كما هو الدنو من خلايا العقل البشري، منذ نشأته، وحتى أزمنة ما بعد الفكرة البدائية.
اليوم تبدو الإمارات في العالم الطائر الخلاق، العملاق الذي ينظر إلى الحقائق وكأنها أسئلة في مادة الرياضيات، لا يحل عقدتها سوى أولئك الذين تسلحوا بالوعي، أولئك الذين يدركون أن الأرض وما عليها، لا تكفي للإجابة عن سؤال الأنا، ولا تجيب عن علامات الاستفهام الكبرى المعلقة بين السماء والأرض، الأمر المغري جداً، والذي يشعل في النفوس رغبة المجازفة، ومشاعر المبادرة. وكم هي المبادرات التي جاءت بفضيلة الاستخدام الحقيقي للعقل البشري، الذي طالما أنجز، وحقق، وفتح آفاقاً أوسع من جغرافية الشمس، والقمر. هذا العقل الذي وجد ضالته على أرض الإمارات، وسارت ركابه مطوقة برعاية شاملة من قيادة سخرت كل الإمكانات، من أجل أن يستطيع العقل إنجاز مشروعه الإنساني في خدمة البشرية.
«MBZ-SAT»، ليس فقط مشروعاً وطنياً بحتاً، وإنما هو أيضاً إنجاز عالمي، الهدف منه إسعاد البشرية، كل البشرية، إيماناً من القيادة الرشيدة، بأن ما يسعد الآخر، هو سعادة مباشرة للإمارات، لكون الإمارات جزءاً لا يتجزأ من هذا البحر الكوني، وهي في محيط الكل تعمل جاهدة على تقديم الأنجع والأنجح، لأن نجاح المشروع الإماراتي، أي مشروع، إنما يدخل ضمن سلسلة الإنجازات الحضارية التي مرت على مدى التاريخ، والتاريخ لا يحترم إلا الأقوياء، ولا يحفظ إلا العلامات الصحيحة في دفاتر الشعوب والأوطان. وما تقوم به الإمارات، هو ريادة حقيقية في صناعة السعادة، وفي تجفيف منابع الخوف من المثابرة، والإحساس بالقنوط والإحباط، وكذلك هو عمل إماراتي ضد الرعب من الخوض في ملمّات الكون ومعضلاته، وهذا هو النجاح الحقيقي، وهذه هي الاستثنائية الصرفة، وهذه هي قدرة العقل الحقيقية في حياكة لباس التفوق بمهارة فائقة، وإمكانيات عقلية فذة، لا يشبهها إلا رونق الإمارات الوحيد في عصره الراهن.