استكمالاً لحديثنا أمس عن «النخوة الإماراتية»، والتصدي القوي والرادع لدولة الإمارات في مواجهة الإرهاب وفلوله وتنظيماته المأفونة، وعلى رأسها تنظيم «إخوان الشياطين» الذي تناسلت منه كل جماعات التطرف والإرهاب والتدمير والقتل، نقول بأن الإمارات في مواجهتها مع التنظيمات الإرهابية عملت على أكثر من محور. فإلى جانب المقاربات العسكرية والأمنية، ركزت على جانب التوعية والمناصحة وتبيان حقيقة النصوص والفتاوى التي تضلل بها الجماعات الإرهابية المارقة العامة وتستند عليها في تبرير سفك دماء المسلمين وغير المسلمين. 
وفي إطار الرؤية السامية، حقق معالي الشيخ العلامة عبدالله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، فتحاً كبيراً بتبيان حقيقة وأصل الفتوى التي تعود لأكثر من ستمائة عام ونُسبت لشيخ الإسلام ابن تيمية بشأن بلدة ماردين ومن فيها، والتي استند إليها الإرهابيون وأهل الغلو والتشدد والتطرف لقتل المسلمين، وذلك بأن بدلوا كلمة «التعامل» التي وردت في الفتوى الأصلية إلى كلمة «القتال»، وشتان بين الكلمتين ودلالتهما.
لا يعرف الكثيرون عن ماردين سوى أنها بلدة صغيرة في غرب تركيا، ولا يعرفون أنها مسقط رأس ابن تيمية، رحمه الله، التي غادرها إلى دمشق وهو في السابعة من عمره، بعد أن سقطت إثر المد المغولي للمنطقة.
يقول الشيخ المحفوظ بن بيه، أمين عام منتدى أبوظبي للسلم، في كتابه «ماردين.. ابن تيمية وقتل السادات»: «لقد نظم العلامة عبدالله بن بيه في المدينة التاريخية، وفي حضن الجامعة التركية «أرتوكلو»، مؤتمر «ماردين دار السلام»، وتوقف في كلمته أمام الفتوى التي نُسبت لابن تيمية، والتي انطلق منها الإرهابيون لقتل الأبرياء، ومن بينهم التنظيم الإرهابي الذي اغتال الرئيس المصري الراحل أنور السادات».
وقال العلامة ابن بيه: «لا يمكن أن يكون شيخ الإسلام ابن تيمية قال هذه الفتوى بهذه الطريقة»، وعندما سئل عن مدينته، هل هي دار حرب أم دار إسلام، قال: «إنها مركبة فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار الإسلام التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث، يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه». وبعد جهود كبيرة تم التوصل للنسخة الأصلية للفتوى، واتضح عدم صحة وجود كلمة «القتال» فيها، وإنما كلمة «التعامل». وهكذا هم شذاذ الآفاق الذين يتنادون من كل مكان للتخريب والتدمير والقتل باسم دين الحق، والإسلام منهم براء.
حفظ الله بلادنا وسائر البلدان من شرور الإرهاب والإرهابيين، والوعي من أهم السبل لصدهم وردعهم.