على من نلقي اللوم في خروج «الأخضر» السعودي من الدور نصف النهائي لـ«خليجي 26»؟، هذا هو السؤال الذي يتناقله زملائي الإعلاميون السعوديون، كل بطريقته، وكل يجيب عنه بحسب منظوره وهواه، من منطلق ما رأى وما استقرأ، وما استقر في وعيه، وما رآه عاملاً حاسماً في سقوط المنتخب السعودي، في مباراة كان يفترض أن يكون فيها «المنتصر»، بحكم استفادته من الزيادة العددية والمنتخب العُماني يلعب قرابة 70 دقيقة بلاعب ناقص، بعد طرد المنذر العلوي، وبحكم السيطرة التي دانت له، ووهبته فرصاً عديدة تبخرت في هواء المباراة الساخن.
طبعاً، لا مسؤولية تعلو على مسؤولية المدرب هيرفي رينارد، تلك قاعدة تصنع ماهية الأشياء في كرة القدم، فهو من يختار التشكيل، وهو من يتكفل بإدارة المباراة، بتعدد فصولها واختلاف طقوسها، وهو من يحتاجه اللاعبون عندما تغلق المرمى أمامهم، لمساعدتهم على إبداع الحلول، ولا أظنه كان موفقاً في ذلك خلال مباراة عُمان.
كل مباراة هي مبارزة فردية وجماعية بين لاعبين ومجموعتين، وهي بمقام أول مواجهة مكشوفة بين فكر مدربين، لذلك كانت خسارة السعودية في هذه المباراة تحديداً، خسارة فكر ونهج وتخيّل وإنتاج للحلول، كما كان الفوز الرائع لمنتخب عُمان، انتصاراً لإرادة جماعية رهيبة من لاعبي «الأحمر»، وهم يعوضون النقص العددي بجرأة جماعية فاقت كل التوقعات، وكان فوزاً لمدرب شاب آمن بملكاته، وأدار المباراة بكفاءة عالية جداً، حتى إنه خلص فريقه في أكثر من فترة من نهر تستوطنه تماسيح فتاكة.
صحيح أن المنتخب السعودي إلى الآن ما زال يشكو من ضعف في منظومته الدفاعية، والمباريات الأربع التي خاضها في «خليجي 26»، أقامت الدليل على دفاعية تنزل أحياناً لدرجة «الهشاشة»، وصحيح أنه صرح أي فريق يقوم أساساً على رافعات دفاعية، إلا أن ما اشتكى منه «الأخضر» السعودي في مواجهته لعُمان، النمطية في تصميم البناءات الهجومية، وهنا تحديداً لم يساعد هيرفي رينارد فريقه، برغم ما قام به من تغييرات لها طبيعة هجومية، ليبدع حلولاً هجومية لكسر التنظيم الدفاعي الرائع لـ «الأحمر» العُماني.
قال رينارد بعد المباراة، وهو في مواجهة أسئلة اللوم والعتاب التي طرحها عليه الإعلاميون السعوديون: «مهمتي أن أختار 11 لاعباً، وأقوم بـ5 تبديلات، ومهنتكم أنتم الإعلاميون، أن تعلقوا على عملي».
والتعليق الأقوى على ما شاهدناه من المنتخب السعودي، أن اختيار 11 لاعباً، والقيام بخمسة تبديلات لا يكفي للأسف لربح مباراة، هناك الكثير مما يجب على رينارد العائد أن يفعله، لكي يطوّر الأداء الدفاعي والهجومي للمنتخب السعودي، الذي يودّع عاماً على وقع ضياع اللقب الخليجي، ويستقبل عاماً لا يمكن التفريط فيه بحلم التأهل إلى «المونديال».