هي النواة، وهي مركز الدائرة، هي القطر والوتر، وهي السر، وهي السبر، هي الحلم المؤدلج بالوعي، وهي الفيض في مشاعر الحب والألفة بين أضلاع البيت الواحد، هي النسيج الملون بخضاب النوايا الحسنة، وهي الترنيمة على شفاه أم حنون، وأب يعجن الكلمة بقبلة على الجبين، وهي النسيق المترامي في الدم واللحم، وهي المرآة تشع منها خلايا النجوم من بين رموش كحلها من أثمد الابتسامات المشرقة.
الأسرة، هي كل ذلك، وهي بذلك ترتقي، ويعلو كعبها، وتستقيم خطواتها، وتنمو الأغصان فارعة، باسقة، يانعة، يافعة، تقبض الغيمة، وتمسك بشغاف السعادة، وتمضي في الدنى، جذلى، هي الأسرة في خيال الطير، والشجر والبشر، أغنية تتردد على لسان الوردة الطالعة عند عتبات المستقبل، وهي أنشودة تعزفها قيثارة العشاق الذين يحلمون دوماً بأسرة ناصعة من غير سوء.
في لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، كانت الابتسامة العريضة عنوان فخر بأسرة الإمارات، وكلمة فصل في بناء علاقة أوثق من علاقة النجوم بالنجوم، وكان في الحديث ما يشي عن اطمئنان بعمل دائرة تنمية المجتمع ودورها الفعال في بناء علاقة وطيدة بين مؤسسات المجتمع المدني والأسرة الإماراتية، وبما تقدمه هذه المؤسسات من ثقافة تنويرية لازمة في تأسيس الأسرة، وتشييد بنائها على قواعد صحية، وبعافية الوعي المستنير، واليوم وقد بلغت الأسرة الإماراتية مرحلة النضج الحقيقي، وحققت إنجازات ذات معنى في علاقة وتدي الخيمة فيما بينهما، كما وعلاقتها مع أفراد الأسرة، والذين يحملون الاسم واللقب في بطاقة الهوية، والذين يكبرون وتكبر معهم السمات الأسرية، وخصال العائلة التي تخرجوا في مدرستها.
دائرة تنمية المجتمع تقدم الوعي الأسري على مائدة العلاقة بينها والأسرة الإماراتية، والبرامج التي تقدمها، والضوابط والنصائح، كل تلك لها الدور المحوري في وضع الخطوط العريضة، والخطوات ذات الأثر الكبير في بناء المنزل الإماراتي، وعلاقته بالمجتمع الكبير «الوطن».
اليوم وقد دخلت المجتمعات الإنسانية في مراحل متشعبة، ومعقدة وذات مداخل، ومخارج ثقافية متنوعة، أصبحت الأسرة بحاجة إلى قوانين اجتماعية علمية يضعها علماء اجتماع وعلماء نفس موغلون في الشعاب النفسية، وهذا ما نراه اليوم في الكثافة الإعلامية، والدور الفعال لدائرة تنمية المجتمع، وهذا ما نتابعه ونشعر به وقد بلغت الدولة اليوم مبلغاً عالي المنسوب في مجال التقدم الحضاري، وهذا بدوره يتطلب المزيد من التركيز على الأسرة، لأن طوفان التغيير شديد الرياح، ولأن الأسرة تحتاج إلى متاريس علمية تحميها من الهوجاء العالمية، وهذه في الحقيقة ما تقوم به مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها دائرة تنمية المجتمع، وهو الدور المنوط بها، والهدف المنشود منها.