بعيداً عن نتيجة مباراة أمس لمنتخبنا الوطني مع المنتخب القطري الشقيق في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، والمباريات الأخرى التي سبقتها، تتضارب قناعات المحللين الرياضيين، والشارع الرياضي حول تشكيلة «الأبيض» وخطط المدرب في المباريات الودية والرسمية السابقة، وتتبدل قناعاتهم مع الفوز والخسارة، من دون الاستقرار على قناعة واحدة، فمنهم من يؤيد خطط وتشكيلة المنتخب في حالة الفوز، وينتقده في حالة الخسارة، بغض النظر عن الأداء وقوة المنافس.
كرة القدم لا تعترف بالتاريخ والإرث السابق، وتتعامل مع مجريات الواقع والحظوظ في أحيان أخرى، فقد يكون منتخبك أو ناديك هو من يسيطر على مجريات اللقاء، ويتعرّض لخسارة غير متوقعة، والعكس كذلك صحيح.
ما نرجوه هو أن نتحلى بالواقعية في التعامل مع معطيات كرة القدم في ظل تطورها في المنطقة والقارة، وتراجع بعضهم كما نشاهد الآن، فالفرق والمنتخبات التي كنت تضمن نتيجتها بالفوز عليها، أصبحت منافسة لك، وربما تتفوق عليك، وفي المقابل، منظومة بها مدرب لديه مقومات فنية ولاعبون مميزون، ومقومات يحسد عليها، إلا أنها لا تحقق الطموح، فالمنظومة الكروية متكاملة، من لاعبين مميزين، وأداء مميز طوال شوطي المباراة، ومدرب يقرأ المنافس، ويهيئ لاعبيه، ويزرع فيهم الحماس والسعي للفوز، باستغلال كل الفرص السانحة لتحقيق أهدافه.
علينا ألا ننسى كل هذه المعطيات، ونصب جام غضبنا على المدرب وخططه، وتشكيلته وتوظيف لاعبيه، وكأنه وحده المسؤول عن الهزائم دون دراسة واقعية لمسبباتها، وتأخذنا العاطفة، ونصب جلَّ غضبنا عليه، وعلى تشكيلة الفريق أو المنتخب لهذا اللقاء، وهذه المنافسة.
أرجو ألا تأخذنا العاطفة في تحليلنا، ونصب جلّ غضبنا على الاتحاد والجهاز الفني واللاعبين في أدائهم الذي تحكمه أمور كثيرة داخل المستطيل الأخضر، فكرة القدم كما نعرفها لا تعترف بكل هذه الأمور، وقد تقلب الطاولة دون سابق إنذار، وكأن ما حدث خلال اللقاء بعيد عما توقعناه في رحلة التأهل الذي ننتظره مع إقرارنا بأن الـتأهل هدفنا، وقد تحقق ذلك لنا حينما كان عدد المنتخبات التي تتأهل لنهائيات كأس العالم من القارة الآسيوية نصف العدد الحالي، ومنتخبنا كان يُصنف السابع «آسيوياً» في وقتها.
كرة القدم لا تعترف أحياناً بظروفك الحالية وتصنيفك القاري، وإنما لكل مباراة ظروفها، ونسبة الحظ تتدخل في أحيان كثيرة مع عدم الرضوخ لها والعمل على تجاوزها بكل الوسائل وعدم الاستسلام حتى صافرة نهايتها، كما هي في كل مراحلها.
في كل الأحوال.. صادق أمنياتنا لمنتخبنا بالتوفيق وتحقيق حلم التأهل، الحلم المنتظر.