الليلة سيكون جمهور «الأبيض» هو اللاعب رقم (1)، وليس اللاعب رقم (12)، كما قال الصحفي الأرجنتيني بابلو روخاس باز في العشرينيات من القرن الماضي منذ 100 عام، عن دور الجمهور وتأثيره، وهو يحاول حث جماهير اللعبة على حضور مباريات الكرة في بلاده، فقد أصبح دعم الجمهور مؤثراً ومدهشاً في مباريات هذه الأيام، بما فيها من كل مظاهر الاحتراف.
لكن هناك أمراً مختلفاً.. ففي زمن الهواية، كان لاعبنا العربي يحتاج إلى محاضرة من مدربه عن أهمية المباراة، وكيف أنها مصيرية ومهمة، كان ذلك قبل عقود، وهو أمر لا يصلح اليوم، فالاحتراف اليوم يعني «حتمية أداء الإنسان أو اللاعب لعمله بأقصى طاقة في كل يوم، وفي كل مباراة»، وهكذا هي مباراة الأبيض وقطر الليلة، وهكذا كانت مباريات الأبيض مع كوريا الشمالية وإيران وأوزبكستان، وقيرغيرستان، وهكذا ستكون المباريات الأربع التالية التي تعني السباق من أجل جمع 12 نقطة بقدر المستطاع لنيل شرف التأهل لكأس العالم.
وفي سياق هذا السباق، يلعب منتخب قطر الليلة من أجل الفوز، وليس فقط من أجل تعويض خسارته أمام منتخب الإمارات في الدوحة، فهو سباق صعب وطويل ومرهق، ويجب عدم ربط مباراة بأخرى، أو الاستناد في مباراة إلى أخرى، لأن كل مواجهة عبارة عن خطط، تكتيكات ومهارات، وصراع يمثل جوهر اللعبة، فمن يفوز بالمبادرة، ومن يصنع الفرص وكيف؟ ولا يمكن رسم سيناريو مسبق ليلة المباراة، لكن من المهم مراجعة خطط المنافس في مبارياته. وطريقة اللعب التي يكتبها مدربه، فلماذا يلعب مثلاً 3-4-3.. ما الهدف، وكيف يمكن إفساد هذا الهدف؟
إن كرة القدم الجيدة أصبحت لعبة صعبة، وكرة القدم الجيدة لعبة جميلة أيضاً، وكلتاهما الصعوبة والجمال مرتبطان، وترى الصعوبة في التكتيك الجماعي المطبق بمنتهى الدقة، وحين ترى هذا التكتيك الجماعي الصعب يطبق بمهارة وفن يزداد الإعجاب بأداء الفريق، وترتفع احتمالات فوز هذا الفريق.
منتخب الإمارات لعب مباراته الأخيرة أمام قيرغيزستان بطريقة 4-3-3، بينما لعب منتخب قطر مباراته الأخيرة أمام أوزبكستان بطريقة 3-4-3، وكأن الهدف الأول بالدرجة الأولى بناء حائط صد دفاعي متقدم عندما يفقد الفريق الكرة بأربعة لاعبين، وسوف يظل خط الوسط هو منطقة الصراع الأولى بين الفريقين، وهو كذلك من ثمانينيات القرن الماضي، فهو الخط المسؤول الأول عن التنظيم الدفاعي، وكذلك عن بناء الهجمات الخطيرة التي تصل بالفريق إلى الفرص والأهداف.. وعلى الرغم من تفوق الأبيض في مباراة قيرغيرستان، فإن خالد عيسى كان متألقاً وحارساً عملاقاً كعادته، وبالتالي فهي لم تكن مباراة سهلة كما أشار بعضهم.
** إن تعبير «الشراسة» بات مستخدماً باستمرار في تحليل مباريات كرة القدم، والشراسة تعني الضغط والضغط والضغط بلا توقف، والسعي لاستخلاص الكرة بأسرع وقت حين يفقدها الفريق.. هذا جوهر الصراع في مباراة الليلة، وفي كل المباريات!