كان الكتاب - ولم يزل - هو الصفحات المشرقة في رحلة البشر، عبر عصور طويلة. كان الأثر والتاريخ والمعرفة والخلود الأجمل في ما سطره وصنعه الإنسان عبر الأزمنة البعيدة، جاء الكتاب كإشراقة الشمس بعد ظلام الكهوف، حمل الخطوط الأولى، تلك التي نقشت على الصخور وجذوع الأشجار، ليطرحها في سطور وكلمات أمام بصر الجميع، لينشر المعرفة والنور في كل مكان، ولعل قوله سبحانه وتعالى: «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، ونداء الله عز وجل للرسول الكريم، هو الشعلة والمصباح المنير، الذي أنار الدنيا، تأكيداً على أهمية القراءة والمعرفة وعظمتها.
الكتاب هو الأهم مهما تعددت وسائل التطور في العصر الحديث، باعتباره الواجهة الحضارية للبشرية والعلم والمعرفة والتقدم. من هذا المنطلق، نال الكتاب أعظم التقدير والاهتمام عند الإنسان، ثم تطور هذا الاهتمام ليصبح له حضور دائم وقوي عند كل الشعوب، هذه المعارض الكبيرة والمهمة في سائر دول العالم تؤكد أن الحضارة والتقدم والعلم والمعرفة جاءت بعد أن حمل هذا الكتاب كل العلوم والمعارف وصنع الحياة. والأجمل في بلدنا العزيز أنه رائد، وله الاهتمام والعناية، وتقديمه في أجمل وأحسن الصور، خاصة في المعارض الكبيرة والتي سجلت أهمية كبيرة، وتقدمت في حضورها واستمرارها أعواماً طويلة، نالت شهادات كل دول العالم بأنها أرض الخير والحضارة، وهي منارة للمعرفة والعناية والاهتمام بالكتاب، بل تكاد تتفوق على بلدان كبيرة، لها تجارب طويلة في صنع الكتاب وتجارب معارض الكتب. هذا معرض الشارقة للكتاب يسجل حضوراً عالمياً مهماً، ويؤسس لتاريخ طويل في استمرار تقديم الكتاب وعرضه بصورة رائعة، ويقفز من مرحلة إلى أخرى أكثر ثباتاً وتطوراً، ويضع تجربة فريدة في العرض والإدارة، ويتقدم عاماً بعد عام، كم مر من الزمن على أول معرض للكتاب هنا، وصور الحب والعمل آخذة في التقدم والازدهار، ثم الاستفادة من كل التجارب الماضية وتقديم الأجمل والأروع في عالم معارض الكتب، كذلك أيضاً التجربة الجميلة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، والذي سوف يحضر بعد أشهر، هو الآخر يخطو بخطوات كبيرة وناجحة واهتمام واعٍ بأهمية الثقافة والمعرفة ودور الكتاب في صنع الحضارة والحياة.. يأتي معرض الكتاب سنوياً ونحن في شوق لحضوره، وانتظار عودته، كم كبرت تلك الأجيال الصغيرة التي كانت تجوب المعرض الأول، والآن هي رائدة المعرض في الحضور، وربما بعضها مساهم في نجاح هذا المعرض.