الخدمة الوطنية في عشر سنوات ترسخ واقعاً إماراتياً استثنائياً، وتثبت في الذاكرة الإماراتية أن الخدمة في أقدس مؤسسة هي طوق من ولاء، وهي قلادة من انتماء، وهي سياج من ذهب يعانق المشاعر، ويبني في الروح قلعة من تطلعات لصناعة الهدف السامي، ألا وهو وطن يمسك بزمام الجغرافيا، كما أنه جغرافياً يخيط للتاريخ شراعاً من حرير السمات واسعة الطموحات.
في العيد الثالث والخمسين من عمر اتحادنا المجيد، لا شيء أهم وأكثر ضرورة من اصطفاف الأشبال والأبطال كتفاً بكتف، احتفاء بهذه المناسبة التاريخية المجيدة، مناسبة عرس اتحاد دولة أسمعت من به صمم أنها الصرح الذي علا، والقدح الذي تجلى، والإنسان الذي حلم، فجاءه الحلم يتمشى الهوينى كأنه الطير في لحظات التألق، والتجلي، واعتلاء سقف الموجة، وتحقيق المنى بقلوب كأنها صفحات كتاب منقوش بأبجدية الولاء، والانتماء إلى وطن أعطى فأجزل العطاء، ومنح ففاض في منحه، وقدم حتى أصبحت الأقدام تمشي على عشب الفرح، والرؤوس تطال عنان السماء، وتماهي النجمة، وتعانق الغيمة.
وزارة الدفاع تحتفل بهذه المناسبة، محتفية بأبنائها شباب الوطن ودرعه وحصنه وقلعته، إيماناً من كل مسؤول في هذا الوطن بأن الولاء سر النصر، والانتماء حقيبة السفر إلى مستقبل آمن ومطمئن، وخير من يمثل هذه المسيرة هم شباب الوطن الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية الذود عن الحياض، والالتزام بمكتسباته والحفاظ عليها والعناية بها ورعايتها، وجعلها أولوية في الحياة وأبجدية في معجم كلمة وطن.
وفي كل سنة ونحن نرفع علم بلادنا في الثاني من ديسمبر، تبتهج نفوسنا ونحن نستعيد الصورة البهية، صورة البناء الأول يوم كلل الله جهود المؤسسين وبروز اتحاد الإمارات دولة عميقة الجذور، وكياناً يسلط الضوء أولاً وأخيراً على أبنائه وهم سر النشوء، وهم سبر الارتقاء بالإمارات، دولة حققت ذاتها بجهود أبنائها، منفذين بذلك رؤية المؤسسين، ومنتمين إلى نظريتهم بأن الاتحاد هو قوة الإمارات، وهو لحمة شؤونها وشجونها، وهو المنطقة الواسعة التي فيها تسير ركاب السفر من أجل حياة مطمئنة، آمنة، مستقرة، يطوقها الأبناء، عشاق الأرض بسواعد سمر، ترفع رايات المجد، خفاقة فوق الرؤوس، مرفرفة بين شغاف الأرواح، وضلوع الصدور.
في الثالث والخمسين من عمر الاتحاد، ستكون السنوات العشر من عمر الخدمة الوطنية، شعاراً ترفعه الأيادي الحرة، بنفوس أشف من وريقات التوت، وأجمل من عيون الطير، هؤلاء الأبناء الذين لبوا نداء الأهداف السامية، هم الذين سيرفعون العلم، كما أنه سيسمو بهم.
هذه هي الإمارات، هذه هي غاية هذا الوطن، وحلم أبنائه، بأن تظل الراية مرفوعة، تحملها أكتاف من نشؤوا على مشاعر الأولين، والذين رفعوا الأشرعة، وتساموا مع الأقمار ضوءاً ووضوحاً، حتى ناخت لهم أعماق اللجج، ومدت الموجة لهم بياض العناق.
أولئك الآباء والأجداد، هم الذين رسموا الطريق لمهج، وفي النهج وضعوا أهداف الوصول إلى آفاق، وأنساق كانت في حقيبة الذاكرة، منوالاً ومآلاً وموالاً.
اليوم ونحن نقرأ التفاصيل في الحفل الاستثنائي للخدمة الوطنية، نشعر بأننا أمام سيمفونية تاريخية، أوتارها من أصلاب رجال عاهدوا الله والوطن على أن يكونوا في خدمته، ورعاية أمنه، رجال أشداء على الأعداء رحماء فيما بينهم.