لا أعتقد أن هناك مفكراً استراتيجياً انشغل بقضايا الهوية الوطنية في الإمارات والإشكالات والتحديات الخاصة بها، بقدر انشغال المفكر الإماراتي معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
وقد احتفت الساحة المحلية مؤخراً بالكتاب الجديد لمعاليه حول المسألة وإشكالاتها، وكان بعنوان «الهوية الوطنية في دولة الإمارات بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير»، وقد كان موضوع ندوة نظمها، أمس الأول، مكتب نائب رئيس مجلس أمناء المركز بمقر المكتب، وكنت قد تشرفت بحضورها مع كوكبة من المفكرين والمثقفين والمهتمين بالشأن الفكري الثقافي.
استهل الندوة الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، الذي قال: «إن الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة لها ثوابتها وسماتها التي تحفظ لها خصوصيتها، لكونها ترتبط بمجموعة من القيم والمعتقدات والتقاليد الاجتماعية والثقافية الموروثة والمتوارثة، وعلى رأس ذلك ارتباطها باللغة العربية والدين»، مشيراً إلى ضرورة رسم استراتيجية وطنية مستقبلية تثري الهوية الوطنية في الخطاب الديني، مستشهداً بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: «سيبقى تاريخنا وهويتنا وموروثنا الثقافي جزءاً أساسياً في خططنا للمستقبل».
واعتبر الزميل الإعلامي راشد العريمي الكتاب محاولة لإعادة بناء مفهوم الهوية الوطنية الإماراتية، بهدف استيعاب التطورات العالمية والتكنولوجية والاجتماعية بشكل متزامن ومتوازن، دون أن تفقد الشخصية الوطنية المميزة هويتها وخصوصيتها، مشيراً إلى أن المؤلف تحدث بموضوعية عن دور القيادة الرشيدة في ترسيخ قيم الهوية الوطنية في الدولة من خلال مبادرات وبرامج ومشروعات التربية المواطنية.
وقال الزميل الإعلامي الدكتور خالد بن ققه: «إن الكتاب مهم، محمّل برؤية تكشف عن ثبات دولة الإمارات وتفتحها معاً»، منوّهاً بأن مفهوم الهوية الإماراتية اتخذ منذ تأسيس الدولة مساراً متوازناً ومدروساً يعزز الانتماء إلى الهوية الوطنية، ويصون القيم والتقاليد الوطنية الجامعة، ويرسخ الوفاء للوطن والإيمان بعزم قيادته ذات الشرعية التاريخية.
وكان المفكر الدكتور رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، قد وصف الإصدار في مقال بصحيفتنا «الاتحاد» بأنه دراسة علمية لقضايا الهوية الوطنية التي يتردد كثيرون في طرحها، وأن «الكتاب ينشر وعياً متجدداً بالهوية الوطنية في تأسيسها ونموها بالتجربة الناجحة وبالإنجازات المتكاثرة لصالح المواطنة والعيش المشترك وصنع المستقبل الزاهر».
كانت كل المداخلات تصب في أهمية وحيوية تناول مسألة الهوية الوطنية في الإمارات، والمقاربة الإماراتية لها، والتي تكتسب أهمية استثنائية في عصرنا الحافل بالعديد من تحديات الحاضر والمستقبل.