وطن يفيض بالكتاب، لا بد أن يصبح فاصلة مهمة في صناعة المستقبل، ولا بد أن تصبح للكلمة شجرة بحجم الوعي الذي منحه إياه الكتاب.
فخير جليس هو خير عاشق لأحلام ترسم صورة الحياة كما هي، وكما هو الإدراك لكل ما يعترض الإنسان من شجون، وشؤون.
في الإمارات تمتد خلجات الكتاب على مدى الوطن، وفي كل صباح تشرق كلمة، وعند كل مساء تستفيق عيوننا على مهرجان كتابي أو معرض يحيي وجدان الناس جميعاً، بمؤلفات في مختلف المجالات، وأهمها المجال الأدبي، وبالأخص ما يعتري الحكاية من فن وشجن، الأمر الذي يجعل قلوبنا تنبض في كل يوم بما يستجد في هذا المعرض أو ذاك المهرجان من إبداعات تخلد الذاكرة، وتحرض الوعي على أن تتسع بحاره، وتعلو جباله، ويشمخ نخيله، وتسمو تطلعاته.
في الإمارات اليوم أصبح الكتاب غاية، ورواية، وأصبحت الكلمة موشاة بخرز المعاني، مطوقة بنطاق الأحلام الزاهية، مما يجعل المستقبل يأتي طائعاً، محملاً بزاد الرفاهية، وترف الأفكار، وبذخ المنجزات الإنسانية، فالكتاب هو النمارق المبثوثة، وهو السندس والإستبرق الذي تنعم به النفوس، وتنشرح له القلوب.. هذا الرفيق، هذا الصديق، هذا الأنيق، هذا المنهمر بمفردات تتمشى بين الرموش غزلاناً تفيض بالجمال، وتزخر بالمعنى وتمتلئ أناقة ورقة.
الكتاب الذي علم من كان لا يعلم، الكتاب الذي فتح نوافذ الوعي على المدى، وشرع أبواب المعرفة، وجعل من الحضارات آية تاريخية، وجعل من منجزات الشعوب لغة التاريخ التي يعتد بها، ويفتخر بقيمتها، وفي الإمارات تبدو قيمة الكتاب كقيمة الأحلام التي تبزغ في الصدور كأنها جمهورية أفلاطون المكتسية بثياب الكمال، والجلال.
في الإمارات، نعيش اليوم أزهى أيامنا، في حضرة الكتاب، وفي عرسه الجميل، في الإمارات يجول الكتاب في إمارات الدولة كما تجول الفراشات على وريقات الزهر، وهذا ما يميز هذا الوطن، وهذا ما يجعله دوماً عند هامات النجوم، يتلألأ بالكلمة، ويضيء السماء بالعبارة.
بعد أن أنهت الشارقة امتحانها بامتياز بمرتبة الشرف، ينتقل الكتاب إلى المدينة الخضراء، حيث ترتع النخلة اخضراراً والطير يحمل على جناحيه رائحة الثمرات النبيلة، هنا في العين، دار الأفلاج الباذخة، والقلاع التاريخية المجيدة، يسند الكتاب صفحاته، على إرث عميق في الذاكرة الإماراتية، وتبدو مدينة العين في المدى مدّاً معرفياً، يطال شفة النجمة، ويمد في الوعي بناناً يشير إلى ذاك الذي أسس بدايته على هذه الأرض، ثم انطلق بطموح النبلاء ليبني في وجدان الإنسان الإماراتي دولة لها الصوت والصيت، عاصمتها الجميلة أبوظبي، وها نحن اليوم نحتفل بالكتاب، كما نحتفي باسم الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأنعم عليه بالخلود في جنات الخلد.
فالكتاب غايتنا، والكتاب صفحتنا في التاريخ، والكتاب مهمتنا في الحياة، والكتاب أبجدية رقينا، وحضارتنا، ووجودنا. الكتاب هو المجد، والسد والسعد، والسؤدد.