هل طلبنا من «الأبيض» مستحيلاً أو حتى معجزة، أن يحقق العلامة الكاملة في مباراتيه أمام قيرغيزستان وقطر، خياراً مثالياً للعودة مجدداً وبقوة، للمنافسة على إحدى البطاقتين، اللتين تضمنان التأهل المباشر إلى كأس العالم 2026؟
بالقطع لا، لأن ما كان عليه منتخب الإمارات في المباريات الثلاث أمام إيران، وكوريا الشمالية وأوزبكستان، بدرجات متفاوتة صدع تكتيكي حمل الكثير من الارتباك الذي يفقد التوازن، ويخرج عن النص، وقد كانت فاتورته غالية جداً، إذ أهدر «الأبيض» في تلك المباريات الثلاث 8 نقاط. 
ولأن ما كان عليه «الأبيض» في مباراة افتتاح الدور الحاسم أمام قطر بالدوحة، نسخة أصلية من أداء جماعي مقدور عليه، وقابل لأن يتكرر لأكثر من مرة.
لذلك كان من الضروري أن يتحلى منتخب الإمارات بالكثير من الصفاء الذهني والتركيز العالي، ليتفادى الانجرار خلف وضعيات فنية لا تتلاءم مع طبيعته، كان من الضروري أن يلعب على طبيعته الخالية من كل الشوائب.
وبرزت الواقعية في إدارة «الأبيض» للمباراتين أمام قيرغيزستان وقطر، حتى إن ما شاهده الكل من منتخب الإمارات، وهو يُسقط تباعاً قيرغيزستان، و«الأدعم» بثلاثية، وخماسية، كان صرحاً من الخيال ارتفع وما هوى، إذ نجح «الأبيض» في تحقيق ما طلبناه بطريقة لم نتخيلها وبشكل لم نتوقعه، حصد النقاط الست المطلوبة، وقرن ذلك بأداء أخذ في المباراتين وجهين مختلفين، وإن كانت النهاية السعيدة واحدة.
أمام قيرغيزستان تقاسم «الأبيض» مع المنافس نسبة الامتلاك، وعدد مرات التهديد للمرمى، وحتى عدد التمريرات، لكنه كان الأفضل والأقوى في وضع الخواتيم، وهو يفوز بثلاثية نظيفة.
وأمام قطر أعاد «الأبيض» التذكير بالقاعدة الذهبية التي تقول، إن السيطرة لا تعني دائماً الفوز، وأن حرمان المنافس من الكرة قد يكون مجرد وسيلة للتباهي أو للتغطية على «العورات» الدفاعية.
ولو عدتم إلى إحصائيات المباراة، لوجدتم أن «العنابي» تفوق كثيراً في نسبة الامتلاك، وأن عدد الكرات التي مررها بين لاعبيه فاقت بالضعف، ما فعله لاعبو «الأبيض»، ولكن من فاز في النهاية، وبحصة تثير الدهشة هو منتخب الإمارات الذي قدّم للأمانة مباراة مثالية، مثاليتها تكمن في امتلاك أكثر الأسلحة التكتيكية فتكاً، سرعة التحول من الحالة الدفاعية إلى الحالة الهجومية، مع نجاعة تهديفية بلغت في اعتقادي نسباً عالية جداً.
ولأنني في اللحظات التي تسببت لمنتخب الإمارات في ضياع نقط ثمينة وغالية، كنت أدعو إلى الإمساك بخيط التفاؤل، يقيناً مني أن «الأبيض» إن لعب على طبيعته، وإن نظف منظومة اللعب من كل الشوائب، وإن تطابق جماعياً مع مؤهلات لاعبيه الفردية، سينجح لا محالة في إنجاز ما حققه بالفوز على قيرغيزستان بثلاثية، وعلى قطر بخماسية، وبلوغ النقطة العاشرة التي تجعله منافساً قوياً على البطاقة المونديالية، ومع كل هذا قال لنا «الأبيض»: إن الأحلام الكبرى لا تموت.