شخصياً أفضّل ترجمة المجالد على المصارع أو المبارز أو المحارب حين نتحدث عن «Gladiator»، لأنها تعني كثيراً من الفخر بالانتصار وتحقيق المجد الشخصي في نيل الحرية، والنضال من أجل دفع رسن العبودية، المجالد في جزئه الأول المدهش، والذي ظهر عام 2000م، كتحفة سينمائية ستعد من كلاسيكيات الأفلام في القرن الجديد، والذي تكلف إنتاجه 103 ملايين دولار وتم تصويره في مالطا والمغرب، وجزء منه في إنجلترا في حريق الغابات وتطوير تلك المنطقة فاستغلها المخرج دون ضرر بالبيئة، الفيلم حقق إيرادات فاقت 460 مليون دولار، نال 5 جوائز أوسكار، و4 جوائز من الأكاديمية البريطانية، قصة الفيلم تعود للكاتب الأميركي «دانيال برات مانيكس الرابع» (1911-1997) الذي كان كاتباً وصحفياً ومصوراً فوتوغرافياً وساحراً ومؤدي عروض ومدرب حيوانات، ومنتج أفلام، عن روايته «أولئك على وشك الموت» الصادرة عام 1958، كتب السيناريو «فرانزوني» وأخرجه «ريدلي سكوت»، وقد تم تغيير السيناريو مرات عدة، وشارك في إعادة كتابته مؤرخون، وحتى الممثل «رسل كرو» من أجل دعم شخصية المجالد، ولو كان على حساب الحقائق التاريخية التي عادة ما يجهلها المشاهدون.
بعد 24 عاماً ظهر الجزء الثاني منه، والذي كان ممتعاً، ولم يسقط في فخ الترهل وعدم مجاراة إيقاع الجزء الأول شأن الكثير من الأفلام التي حملت مصطلح سلسلة، يعود الفيلم بالمخرج نفسه، وكاتب السيناريو «ديفيد سكاربا»، وبتغير معظم الأبطال، والذين ظهروا في الجزأين كانت أدوارهم قصيرة في الجزء الثاني، ما عدا الأم والعشيقة «كونيي نيلسين»، بالمقابل حل محل «رسل كرو» الممثل «بول ميسكال»، حيث كان رائعاً ومقنعاً في دوره المركب، وظهر الممثل «بيدرو باسكال» بدور بطولي يضاهي أبطال الملاحم التاريخية، أما تحفة الفيلم فكان «دينزل واشنطن» في أجمل أدواره الهادئة والمركبة والناطقة الصامتة والشخصية الغامضة.
الفيلم الجديد قدرت تكلفة إنتاجه بـ 210 ملايين دولار، وصور في الأماكن نفسها إنجلترا ومالطا والمغرب «ورزازات»، وتقريباً بنفس طاقم الإنتاج في الفيلم الأول، وبالتأكيد ساعدته التقنية الجديدة في السينما في تقليص الموازنة الإنتاجية؛ لأن الكثير من الأشياء التقليدية أصبحت اليوم «رقمية» من خلال الحواسيب والبرامج الفنية الحرفية.
هناك حركة ألوان وإشارات وأزياء تدلك على عميق ما تتحلى به الشخصيات في هذا الجزء من الفيلم، دون أن تدخل في الحوار، وهناك جماليات لغة سينمائية وتمثيل مذهل من كل الشخصيات، ومؤثرات بصرية وسمعية استغلها المخرج ليظهر بالتحفة الجديدة من المجالد في جزئه الثاني.
بقيت لدي ملحوظة، بغض النظر عن مخالفات الفيلم للحقائق التاريخية، وتطويعها لصالح العمل الدرامي، هي نهاية ذلك الطامح بعرش روما، والذي تسلق وصبر ومارس مهناً عدة من أجل الوصول لذلك العرش، لأن إمبراطور روما وسمه بطابع العبودية، بعد ما كان جدوده ملوكاً في بلادهم، والذي يؤدي دوره الممثل الرائع «دينزل واشنطن»، وكيف انتهت سريعاً، وبطريقة لا تليق بحضور الشخصية الطاغي، إلا إذا كانوا سيعيدونه من غرق النهر إلى الحياة من جديد بيد مقطوعة، وبدلاً منها يد حديدية، ستضرب من جديد عرش روما في المجالد في جزئه الثالث!