لماذا تبدو السواحل والأنهار أكثر إثارة وجمالاً عند عشاق الموانئ والشواطئ، بينما البعض الآخر يفضل مدن المرتفعات والجبال أو مدن الصحاري؟ إذ البعض مائي الهوى لا يعشق غير الشواطئ والماء، بل يكاد يسكن البحر أو النهر، كم هي جميلة تلك المنازل التي نشاهدها في مدن الشرق، وهي قائمة على ألواح وأعمدة خشبية فوق الماء/ النهر، تشعر أن النهر هودجك أو سريرك والموج مراجيح تهزك، وهي تعبر في محيطك أو تحت منزلك، تماماً كما هو الحال عند بعض شعوب الماء والأنهار في الشرق الجميل، حيث يسكن بعض الناس القوارب والمراكب الخشبية، ترحل بهم إلى حيث يشتهون، وحيث يأتي مصدر الرزق من صيد أو نقل البضائع الخاصة أو العامة.
جميل أن تجرب تلك الحياة المائية العجيبة، حيث منزلك هو زورقك، وقوتك أو صيدك تحت قدمك، فقط ارمِ سنارتك أو شباكك أين يرسو منزلك/ زورقك الخشبي، اشعل نار موقدك وتناول طعامك من أسماك النهر.. كم تمنيت أن يكون لي منزل/مركب مرتحل مع ماء النهر، يأخذه حيث يشاء ذلك الأزرق/ الأخضر/ البني الجميل. بديعة حياة الماء، خاصة الأنهار الكبيرة ومقدرة ناسها على التكيف مع متغيرات الحياة والفصول والظروف الطبيعية، تلك الصور الفريدة والجميلة لا يمكن أن تعرف بديع صنعها إذا لم تعبر النهر يوماً، حتى الزوارق الصغيرة أو متاجر النهر الفقيرة، لا يمكن تصور روعتها وهي تعبر الماء وتصنع الحياة لناسها، هناك لا فرق بين رجل أو امرأة أو شاب، كلهم «مائيو الهوى والعشق»، يديرون الحياة حيث يشتهون، ويكيفون الطبيعة لخدمة أيامهم وحياتهم النهرية.. مدن الماء لها روعتها وخصوصيتها البديعة ولها عشاقها، كذلك مدن السواحل البحرية الأخرى، هي مدن الموانئ والشواطئ الرملية، التي يأتيها المحبون من كل فج عميق، ولا يوازيها شيء آخر عند ناسها.. بينما البعض يعشق مدن الصحراء والسهول والجبال، تبدو جميلة وحالمة عند البعض، ولكن يجدها الإنسان المائي مدناً صخرية حادة وصلبة ومتحدية وجامدة. الإنسان المائي لا يمكن أن يعشق هذه الصلابة الحجرية، ولا يمكن أن يتخيل العيش فيها، كذلك الإنسان الصخري يجد صعوبة في التكيف مع مدن الماء والنهر، بل حتى المدن الصحراوية لا يحبها ذلك الذي جاء من مدن الجبال الصلبة والصخرية، ومن الصعب أن تزكي بيئة على أخرى، ولكل إنسان خصوصيته وإرثه وحياته وانتماؤه للمكان الذي نشأ فيه، وله كذلك عشقه.. نحن نعشق أرضنا ومدننا وسواحلنا في الإمارات، ونجد أنها هي الأروع والأجمل في الإمارات، إنها بلد الجمال والحب والإبداع والتنوع في البيئة، من البحر إلى الصحراء والجبال والسهول والجزر والشواطئ الجميلة.