نتفق أو لا نتفق، أن يكون «راقص السامبا» فينيسيوس جونيور، نجم ريال مدريد الأحق بجائزة الكرة الذهبية في نسختها الـ 68، والتي ذهبت بها أصوات الإعلاميين الرياضيين حول العالم إلى الإسباني رودري «ضابط إيقاع» نادي مانشستر سيتي، لا يهم ذلك، بقدر ما يهم أن نصدر رأياً عن «الرجّة» العنيفة التي أحدثها نادي ريال مدريد، وهو يقرر مقاطعة حفل الكرة الذهبية، حفل لم تغط فخامته، ولا حتى شموخ النجوم الحاضرين فيه، على الكآبة التي سيطرت على المساء الذهبي، والفريق الملكي الذي كان متوقعاً احتكاره عديد الجوائز، علّق مشاركته، وأوصد الأبواب في وجه منظمي الحفل.
مع تفصيل المعايير على مقاسات بعينها، من دون انصياع كامل لأحكامها الموضوعية، ومع وجود اعتقاد جازم لدى بعضهم بأن الجوائز الفخرية متحيزة، مهما ادعت من موضوعية، يكون ممكناً أن تباغت الاختيارات كثيراً من الناس، فلا يرون مثلاً أن يكون رودري أحق من فينيسيوس بالكرة الذهبية، كما لم يكن لا ميسي، ولا رونالدو في نسخ بعينها يستحقان الفوز بالجائرة الفخرية التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية لأفضل لاعب كرة قدم في العالم، إلا أن قرار ريال مدريد بمقاطعة الحفل بسبب «الإطاحة» بفينيسيوس، والتضحية بمن كانوا من «ملوك الريال» متوجين بجوائز غير الكرة الذهبية، والركوب على موجات متناقضة للحديث عن وجود مؤامرة تم طبخها في الغرف السرية، قرار وإن اختلفنا على درجة سماجته، فإنه لا يليق إطلاقاً بريال مدريد النادي والمؤسسة وعنفوان التاريخ، تماماً كما أن ريال مدريد الكبير لا يليق به موقف صغير.
كان لريال مدريد فيما قدمه من دفوعات لتبرير سلوك لا يليق به، جوانب إن وقفنا عليها، أدركنا أبعاد قرار المقاطعة، وهي لا ترتبط كما تم الترويج له بنظرية التآمر على الفريق، من قبل مؤسسات وصيّة على كرة القدم الأوروبية، ما زالت حتى الآن في حرب مفتوحة مع النادي الملكي بسبب «السوبر ليج»، بقدر ما ترتبط بمشاعر عاطفية جياشة يحيط بها نادي ريال مدريد كل أفراد العائلة.
ريال مدريد الذي اتخذ قراراً ليلة الحفل بعدم ركوب الطائرة التي تقود رأساً إلى العاصمة الفرنسية باريس، ما اقتنع بالمقاطعة على خطورتها، إلا لأنه أراد أن يحمي لاعبه فينيسيوس الذي كان قبل ثلاثة أيام من موعد حفل الجوائز يثق ثقة عمياء في أنه هو من سيكون صاحب الكرة الذهبية، برغم أن لا أحد على الإطلاق أبلغه بذلك، لقد باع ريال مدريد حفل جوائز الكرة الذهبية، ليشتري سعادة لاعبه، ضحى بحدث يتابعه الملايين حول العالم، وكان هو فيه المُتوج بجائزة النادي الأفضل في العالم، لكي لا يتزعزع مستودع ملابسه، هو الذي يعيش على وقع سقوط مريع في «كلاسيكو الأرض» أمام الغريم برشلونة.
أياً كانت «القشة» التي يتمسك بها ريال مدريد، لتبرير فعل المقاطعة، فإنها أوهن من أن تحمل، أو أن تغطي على «وزر» الغياب.