منذ زمن بعيد قرأت للروائي الكبير باولو كويلو، روايته الرائعة/ الخيميائي. مر ذلك الزمن وكادت أحداث الرواية تتسرب من ذاكرتي كتفاصيلها الصغيرة وبعض أحداثها، بالأمس اشتريت نسخة من تلك الرواية، بعد أن ضاعت النسخة الأولى بين الكتب التي تربض في مكتبتي، الآن أمامي مكتبة كبيرة في هذا المول الكبير ولدي مساحة من الفراغ، والمقهى الذي تعودت الجلوس فيه بصفة دائمة يناديني، ومن المحال أن أكون من دون كتاب، وهذا الكاتب الكبير واضحة عروض رواياته في مكتبة المول، وأهمها رواية الخيميائي.. تشير زاوية صغيرة على غلاف الكتاب بأنها الطبعة الثالثة والأربعون، جميل أن تصل هذه الرواية إلى هذه الطبعات الكبيرة، وهي بحق رواية جميلة تستحق إعادة الطباعة أكثر من ذلك. في مقدمة الكاتب الكبير/ باولو كويلو، يقدم نماذج من مدرسة الحياة، وكيف يتعلم الإنسان من الحياة، وما يدب فيها من مخلوقات، حتى الحيوانات، يمكن أن تقدم بعض الدروس، وأن تكون معلِّماً يقدم نماذج التفاعل مع المحيط... وربما يقول البعض مثلاً: كان الحصان معلمي أو حتى الكلب!. في ذلك الاعتقاد والاتجاه، يقدم الكاتب صورة لفهم صيرورة الحياة ودروسها.. مثال: يقف ذلك المخلوق/ الكلب على حافة النهر، يشاهد انعكاس صورته في الماء، يصاب بالفزع اعتقاداً أن هناك كلباً آخر يريد مهاجمته، يتراجع، ويظل ينبح بشدة، سعياً لطرد الكلب الآخر، وذلك الكلب مجرد صورته في الماء !. وبعد أن قتله الظمأ، وكان لا بد أن يواجه الوضع ويشرب من الماء رمى نفسه في النهر، اختفت صورته التي كانت ترعبه !. كان الكلب المعلم الذي يمكن أن تأخذ منه الدرس والعبرة في طرد الخوف، ثم اقتحام الصعاب.. هكذا يقدم باولو كويلو صورة الحياة وأحداثها، في مقدمته الجديدة لرواية الخيميائي، بينما النص الجميل، يقدم حكاية ذلك الراعي الأندلسي (سانتياغو)، والذي يبحث عن حلمه في الحصول على كنز مدفون في أهرامات مصر، يبدأ رحلته من إسبانيا مروراً بالمغرب ووصولاً إلى مصر.. يتعرض لأحداث كثيرة في هذا الطريق الطويل، حتى يلتقي الخيميائي، عارف كل الأسرار الكثيرة، يشجعه على المضي في تقدمه وبحثه عن الكنز.. الكثير من الروايات تقدم لك عالماً مختلفاً من الحكايات والأحداث، وإن كانت بعضها من نسج الخيال، ولكنها تفتح لك ألف باب في التأمل والتخيل والمعرفة.. هذا الكاتب الكبير ومن خلال ما قدمه للقارئ، وعلى مستوى العالم، واحد من أهم الكتاب، والجميل أنه بعد أن صدرت له ترجمات كثيرة إلى اللغة العربية، أصبح من محبي الوطن العربي، ويسعد بأن تنقل رواياته إلى اللغة العربية العظيمة، وكثيراً ما يورد في بعض رواياته حكايات وأسماء من الشرق، ولعل كونه كاتباً برازيلياً، والحياة الاجتماعية والاقتصادية هناك قد تشبه بعض بلاد الشرق في الشخوص وحتى الأسماء، التي تأتي في بعض رواياته، قد تكون عربية، ثم إن زياراته للشرق، واهتمام القارئ العربي بروايات هذا الكاتب، جعلته كثيراً ما يشيد ببعض البلاد العربية، والحياة في الشرق.. رواية الخيميائي. تستحق إعادة القراءة أكثر من مرة، وذلك لطريقة تقديمها وجمال حكايتها.. حتى معظم روايات باولو كويلو، هي من أجمل الروايات، لسلاسة الكاتب في الطرح، وسهولة القراءة وجمالها.