حتى وإن كان الشتاء في الإمارات ليس بذلك البرد القارس، ولا يوجد تحول كبير في الحياة أو الطبيعة، كما يحدث في بلدان أخرى، من تباين كبير بين الصيف والشتاء، ووضوح الفارق بصورة كبيرة وعظيمة وارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، وتبدّل كل شيء، إلا أن في الإمارات الشتاء هو أجمل الفصول وأروعها، بعد قيظ شديد الحرارة، حيث تبدأ درجات الحرارة في التدرج والانخفاض، شهراً بعد شهر، ولعل البداية في التغير الواضح تأتي بعد نهاية شهر أكتوبر، ويمتد جمال الطقس إلى شهر أبريل أو مايو.. حياة جميلة يعرفها الجميع ولا تحتاج إلى أن نتحدث عنها بالتفصيل، ولكن ما هو الجميل الذي يصعد حضوره في هذا المناخ والفترة التي ذكرت، إنها الحياة اليومية في البر والبحر والسهول والجبال، يذهب الحر الشديد ويأتي النسيم العليل، تحضر السحب والأمطار وتزدان الأرض بالاخضرار، تطرح أشجار النخيل آخر ثمارها، ثم ينالها الكثير من الرعاية والاهتمام، بإزالة ما تبقى من ثمارها وعذوقها الجافة وجريدها الذي لم تعد له فائدة للنخلة ذاتها، ولكن له كبير الفائدة للناس، حيث استغلاله في أغراض أخرى، وكذلك إزالة «الليف» أو بقايا الطلع الجاف، تغرس شتلات «فسايل» نخيل جديدة، وتقلّم وتزين بعض الأشجار المثمرة أو ذات الظلال.
كل شيء نتم ترتيبه استعداداً لموسم قادم، تماماً كما يستعد الناس هنا لفصل الشتاء، تتزين أرضهم، وتكون جاهزة لمواسم الشتاء والمطر والرياح، حتى على المستوى الاجتماعي، فإن حالة من الحبور والفرح تدب عند الكثير من عشاق الطبيعة، الذين يستعدون للزيارات والرحلات والأنشطة الترفيهية في الصحراء والبحر، الشتاء حالة جديدة، يتغير فيها كل شيء، حتى أمزجة الناس وإقبالهم على الحياة، وسعادتهم، بهذا الاعتدال في المناخ والطقس البارد الجميل، كل شيء يتبدل ويزدان حضوره البهي، هذه السحب تأتي رائعة جميلة، تقدم هديتها، الماء/ المطر، تزين السماء بلونها الأبيض.. ترتحل رويداً رويداً عن المدن إلى المناطق الداخلية، من صحراء وسهول ووديان وجبال.
يسقط الغيث فتخضر الأرض وتعطي الصحراء واحات جميلة، تندمج مع الرمال الذهبية، وتقدم أجمل لوحة من صنع الله، يبتسم الجبل ويتحول إلى منظر رائع وبديع، تنبت الأزهار الصحراوية لتزين السهول والوديان، تصبح أرض الإمارات جنة، ويزداد عشقها في قلب المحبين، كل شيء جميل، البحر، البر، الصحراء، السهول والجبال..
الشتاء هو تاج الجمال في هذه الأرض الحبيبة، لا يوازي حضوره أي فصل آخر، نحن في انتظار حضوره البهي، كل شيء يستعد لاستقباله بعد نهاية شهر أكتوبر، ثم تكتمل الاستعدادات بالبدء في الاحتفال الكبير الجميل والهام في الثاني من ديسمبر، حيث قمة الفرحة بالوطن والأرض والشتاء، يعطينا الله الفصول المختلفة لنسعد بها وبالزمن والوقت، والناس الذين نحب حضورهم في حياتنا، حتى ولو في الخيال!