كان لـ«الأبيض» في مستهل رحلة البحث عن التأهل إلى «مونديال 2026»، وجهان لا علاقة لأحدهما بالآخر، برغم أنهما لم يكونا لا استثنائيين، ولا من صنيع الصدف التي لا تتكرر.
في الدوحة، وهو ينزل ضيفاً على منتخب قطر، قدَّم «الأبيض» مباراة نموذجية، كثير فيها جميل يأسر العين ويسلب العقل، ويقول: إن الحلم بمصالحة كأس العالم بعد 34 سنة من البُعاد، لا يمكن أن يكون هذه المرة مجرد أضغاث، وقليل فيها ما يفرض التنقيح والتصحيح، وباستاد هزاع بن زايد بالعين، وهو يلعب أمام جماهيره محمياً ومتحصناً ومتحفزاً، جاءنا «الأبيض» بنقيض ما شاهدناه في الدوحة، حكاية كروية مبعثرة، فواصل مبثورة، فكانت الخسارة «الموجعة» أمام إيران، خسارة عطلت لغة السفر الجميل في صدارة «مجموعة الموت».
وكما كانت مباراة الدوحة أمام قطر مرجعاً في تجسيد القدرات الكبيرة التي يملكها «الأبيض»، ومطلباً رئيساً في رحلة التصفيات الشاقة، لأنه بغير ذاك الأداء لا يمكن للنقاط أن تتهادى في خزينة منتخب الإمارات، فإن المباراة بمدينة العين أمام إيران كانت مرجعاً للمستويات المتراجعة في صناعة الأداء والمحتوى الذي لا يفضي إلا إلى الخسارة، لذلك نصح المدرب بينتو لاعبيه باستحضار الهيبة التي كانوا عليها في مباراة قطر، وشدد على ضرورة القطع مع الصورة المتشنجة التي كانوا بها عند ملاقاتهم إيران، فتسبب الرشح التكتيكي في خسارة عكرت صفو السعادة التي تملكتنا جميعاً بالفوز، نتيجة وأداءً على «العنابي».
يقبل «الأبيض» على جولتين من «نار»، في طريق التصفيات المليء بالمطبات، عندما يقابل اليوم منتخب كوريا الشمالية صاحب النقطة الوحيدة من مباراتين، خسر أولاهما بصعوبة بالغة أمام إيران، وتعادل في الثانية أمام قطر، وعندما يتوجه بعدها إلى طشقند ليصطدم بأوزبكستان الذي يتصدر بمعية إيران المجموعة بـ«العلامة الكاملة».
ومع ما يفرضه الفوز على منتخب كوريا الشمالية القوي، من منظور ما قدمه في مباراتيه أمام أوزبكستان وقطر، من منظومة لعب متوازنة، وخالية من الشوائب الدفاعية، وحتى من الكليشيهات الهجومية العقيمة، فإن «الأبيض» لا بد أن يتعامل مع مباراة كوريا الشمالية، بأعلى درجات الدقة والتركيز والذكاء التكتيكي، حتى لا تستنزف منه المواجهة ما هو مودع في المخزون البدني، وقد دلتنا مباراتا الجولتين الأولى والثانية، على أن «الأبيض» افتقد في مباراة إيران للطراوة البدنية المساعدة على ضبط الإيقاع، وربح الالتحامات، وتطويع منافس شرس.
قطعاً، ما يهم بالدرجة الأولى، أن يستعيد «الأبيض»، وهو يلاقي كوريا الشمالية نغمة الفوز، لأن مع الفوز تأتي النقاط وبشارات الفرح والتفاؤل، على أمل أن يكون المدرب بينتو قد توصل إلى أفضل صيغة يوزع من خلالها لاعبو «الأبيض» الجهد البدني المختزن على المباراتين معاً، لأن الحصول فيهما على العلامة الكاملة، أو حتى على أربع نقاط سيدعم الرصيد، رصيد النقاط، ورصيد الثقة بالقدرات.