يسابق الشمس في النشور والسعي الحثيث إلى عمله، فرحاً باليوم الجديد، لم يخامره الشك في أن الحياة كفاح وعمل، مؤمن بقوة أن العمل والحرص على مواجهة الحياة بعزيمة لا تلين، هي مفتاح كل شيء، سعادة له ولأسرته ولأطفاله، بل لأسرته الكبيرة التي تنتظر مساعدته.. عاهد نفسه على أن يظل مكافحاً قوياً في هذه الحياة، وأن لا تلين عزيمته أو يركن إلى التخاذل وحب الذات والراحة والاهتمام بالخاص وحده. 
يشاهد الكثير من أولئك الذين ركنوا إلى الإهمال وعدم المبالاة، أو استندوا على أسرهم أو ثروات آبائهم، ينامون حتى يذهب جُل النهار، غير مبالين بالوقت أو العمل، لقد أسقط من حسابه الالتفات لنماذج الناس المختلفة في شأنها وتصوراتها عن الوجود أو الحياة، تعلم منذ البدء في أسرته الفقيرة، بأن لا يلتفت إلى الناس وشؤونهم وتصرفاتهم أو حياتهم الخاصة أو العامة، وأن لا ينظر إلى أولئك الذين وُلدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب!. 
قال له والده يوماً في وصية صادقة، حفظها في صدره بأمانة وقوة، سوف تشاهد في الحياة نماذج من البشر، الأمين والصادق والمحتال والكاذب، والظالم والقاهر لغيره وبصنوف شتى، من طرق القهر أو التجني والظلم، لكن عليك أن لا تلتفت أبداً لتلك النماذج التي قد تصادفها أو تمر بك، اجعل قلبك كبيراً وواسعاً، مثل اتساع الفضاء، ازرع دائماً في قلبك بساتين الحب والجمال والفرح، اجعل عملك هو الأول دائماً، ارحل عن الأماكن والأفراد الذين جبلوا على الظلم أو الخديعة أو الغش أو عدم الأمانة، لا تتمسك بأي عمل قد تخسر كرامتك بسببه، لا يهم أن تخسر بعض الوقت، ولكن كن أبياً وصادقاً وقوياً في عزمك، اسلُك طريق الحرية والصدق والأمان والسلام، احمل منجلك أو مطرقتك، واطرق الدروب والطريق الذي يمتد إلى أبواب حرية نفسك، اعمل فلاحاً تشرق عليك الشمس في البساتين الخضراء، وتشاهد زرقة السماء ويتدفق الماء العذب، الذي يروي اخضرار الأرض، ويمد الناس بالثمار والفواكه، غني مع العصافير والبلابل، نشيد الحياة والأمل، اعمل في البناء أو أعمال الطرق أو أي عمل حُر، لتكسب رزقك بيدك وبكرامتك، بحريتك تختار طريقك، هذه الأيادي التي تطرق الحدي،د أو تحفر الأرض أو تُشيّد البناء، هي أكرم وأجمل يد تصنع الحياة.
اجعل انبلاج الفجر، وسناء الصباح هو الطريق الذي يأخذك إلى محطات الرضا عن النفس وحب الحياة، مهما كان رزقك قليلاً فإن بركة الله وتوفيقه، سوف تمدك بالجمال الداخلي وتسعدك، لا تخدعك المظاهر أو ما تشاهده من بهرجة الحياة، أنت الأجمل والأكثر توافقاً وراحة مع النفس، عندما تكسب من قوتك بيدك النظيفة والكريمة، تأكد أنك الأكرم والأجمل. 
أشاهد ذلك العامل، منذ الفجر يسعى بقوة إلى عمله، حاملاً معداته وأدواته، يسابق الشمس في شروقها، يمد الخطوات بفرح وسرور، راضياً بعمله البسيط، لا يهتم بما يحيط به من مظاهر الفخامة والرفاهية، يستقبل بابتسامة هذا الصباح الجميل، يغني للحياة، بعد أن حفظ وصية والده وتمسك وعمل بها.