لا شيء يذكر في الجزيرة غير جبل صغير، يختلف عن كل الجبال المعروفة بصخورها البنية أو السوداء أو الرمادية، كثير من الجبال تنبت على مدارجها أو في منحدراتها النباتات المختلفة، وتظهر تشققات مجرى المياه وأثر الأمطار والرياح.. كهوف مختلفة ومتنوعة وتشكيلات فنية من صنع الطبيعة، تمنح أشكالاً جميلة لهذه الجبال، ثم أودية وأشجار وزراعة وبساتين من صنع الإنسان، ومنتوجات من نباتات الأرض تعين الناس على الحياة.
منذ أقدم العصور والأزمنة، والجبال تمد الناس بالحياة والقوة والشموخ، وقد تصعد أهمية هذه الجبال في بعض المناطق في الإمارات وتصبح مصدر رزق وخير، يأتي من استغلالها في البناء والتعمير، وقد تكون المكان المهم لسكانها، تمدهم بالحياة والقوة والأمان، هي دار الرعاية والسلام، عند الخطب في الأزمنة القديمة، وسكن أمين ومحصن لسكان هذه الجبال وكذلك مصدر غذاء ورزق ودواء، عبر أعشاب طبية مختلفة، وهي مسكن ومقر لإنتاج أهم مادة غذائية، العسل الذي يمد الناس بالفوائد الكثيرة والدخل المادي لسكان هذه الجبال.
الجبال ليست أماكن لدعم الإنسان ومساندته في سعيه للعيش والرزق فقط، لكنها حصون الأمن والحرب والسلام، بالإضافة إلى جمالها الطبيعي الرائع، هي مدرسة لتعليم الإنسان روح الصبر والقوة والشهامة والرجولة في صراع الحياة، للكثير من الجبال في الإمارات حكايات تاريخية مهمة يعلمها ناسها ورجالها، وقد دلت كل الحصون القوية، التي لا تزال شامخة في محطات كثيرة، على حكايات يرويها التاريخ والرجال والزمن، هي شاهد حاضر بقوة على ذلك الزمن الجميل، صانت أمانة الحفاظ على الأرض والتاريخ وتركت للحاضر القوي الجميل أن يكمل الصعود إلى الحياة الجديدة، بقوة الشباب الجدد وسعيهم إلى حماية هذه الأرض، رجال في البحر والصحراء والسماء، بقوتهم وسلاحهم المتقدم.. وحدة جبل الجزيرة الرابض في عمق الخليج العربي، بناسه وأهله الذين ما زالوا صامدين في وجه العواصف والصواعق والأمواج الهادرة والغربان الناعقة، جبل مختلف تماماً عن الجبال الأخرى، كان أيضاً مصدر خير وعطاء في الأزمنة القديمة، فهو أكبر منتج لمادة الحديد الحمراء (المغر)، بالإضافة إلى المرسى الذي يحرسه هذا الجبل المهم في وجوده على أطراف الجزيرة، ومع أهميته الاقتصادية، له أهمية استراتيجية، فهو رمز الصمود لأهله الذين ما زالوا يتحدون كل المتغيرات والتحولات ونعيق الغربان.
وعلى الرغم من مغريات الحياة ومتطلباتها والتقدم الهائل والكبير للوطن، إلا أنهم، لا يلتفتون إلى ذلك، ولم يهجروا الجزيرة، فلا شيء لديهم أهم من أرض أجدادهم وجزيرتهم التاريخية، صامدون رغم كل التحولات، كل صباح يصدح الأطفال والطلاب بحناجرهم نشيد وطنهم الإمارات، يرتحل الصوت بعيداً وقوياً حتى يصعق آذان الغربان السوداء القابعة على أطراف الجزيرة.. كم هي مهمة تلك المدرسة الوحيدة، والتي ترفع علم الإمارات شامخاً كل صباح، وتخترق الألوان الأربعة الجميلة عين كل عابر لبحر الخليج العربي.
يبدأ العام الدراسي، وتنشط مدرسة الجزيرة في مد تلاميذها بالعلم والمعرفة، ويجاهد المعلمون في غرس حب الحياة والوطن والجزيرة، يسعد الأهالي، بأنهم عازمون وإلى الأبد على عدم ترك جزيرتهم الجميلة، لذا يستحقون كل سند ودعم، حتى تعمر الجزيرة وتهرب الغربان.