* ليت لي في حافة الأرض أرجوحة تطلُّ على النهاية. كنتُ سأجلسُ على حبلها وأترك الريح تدفعني لملامسة الهاوية. من تحتي الفراغ يفتحُ فمه لابتلاع كل شيء، ومن فوقي سماء أحلامي المستحيلة.
* ليت البحر سريري. كنتُ سأعلنُ أن الموجة وسادتي، والرحيل لحافي، والأزرق الصافي هو حبر أقلامي كلها.
* لو يتعاركان، الليل والنهار، وأكون بينهما حكماً، لاكتشفت حقيقة الكون كله. إذ لا فرق بينهما إلا لمن يظن أن للأسود معنى قائماً بذاته. وكذلك للأبيض، وأنهما منفصلان. بينما بالنسبة لي، أنا الوقف بينهما الآن، أدرك أن معنى هذا لا يقوم إلا بوجود معنى نقيضه، وأنهما يتكاملان في المشهد الكوني ويؤسسان له.
* وظيفة الشعر الكبرى هي تحرير المخيلة المغلقة. وكل خيال حر هو بالضرورة خلّاق آفاق جديدة. فما بالك لو أصبح البشرُ جميعهم شعراء؟ هل سيحتاج أحد يوماً للسيف؟
* لو كانت الأحلام سلالم إلى النجوم، لما بقي أحدٌ على الأرض. رأيتُ هذا بأم عيني حين صعدنا جبل الأمنيات حتى تمزقت أرجلنا ولم نعثر على بيضة النسر هناك ولا قطفنا فاكهة الخلود. ها نحنُ في آخر العمر نهبطُ من جديد بحثاً عن التراب الذي أتينا منه. 
* لو أن الحياة والموت شريكان في رقصة أبدية على حلبة الوجود، كنتُ سأصفق لهما حتى تخورُ قواي. إذ في كل خطوة أرى الحياة تترك أثراً على الأرض، ثم يأتي الموت ليمحوها. هل أقول إن هذه الرقصة هي تعبير عن حركة الكون؟ ربما نعم، إذ لا يدوم الأثر حتى وإن حفرناهُ على صخرة السنين.
* لو كان الخوف معلماً والحرية تلميذته المتمردة. هل سنراه يكتب على السبورة كلمة «لا»؟ وإن حدث ذلك يوماً، هل سيظلُّ محتفظاً بأصابعه ويديه؟
* الكلمة التي ظلت حبيسة في الجوف العمر كله. تلك التي لم ينطق بها أحد حتى الآن، في أي قاموسٍ تنام؟ وهل صحيحٌ أن كلمة مثل هذه لا يدرك معناها إلا الشعراء؟
* روحي ترنوا إلى مبتغاها، ولكن التردد قيدي. كلما أمسكتُ طيفاً انسلّ منزاحاً واختفى. آهٍ لو أن الريح تحملني خفيفًا كطائرٍ أعمى، لكنتُ وجدتُ في النأي بيتي، حيث المدى وطنٌ وأجنحتي تخدشُ صمت من جلسوا بانتظار الضوء، ولا ضوء يأتي إلا حين تسعى إليه.