كل شيء جميل يحيط بك، تبتسم المدينة وتضيء أيامك بجمال شوارعها وحدائقها وبحرها، الجو جميل، تمضي أيامك موفقة وسعيدة، لكن تحنّ إلى الترحال والسفر.. قد تذهب إلى أماكن رائعة وجديدة أو مناطق فقيرة وضعيفة الإمكانات، ينالك التعب والجهد ومشقة المسافات والطريق، ولكنك تشعر بالراحة والسعادة، للتجديد في الحياة الرتيبة. حالة المغامرات وخوض تجربة الصعوبات يراها بعضهم من أهم حالات التجديد وحلاوة اقتحام الصعاب والمغامرة. كلنا جرب الخروج في الرحلات المجهدة والتي تحتاج إلى تحضيرات واستعدادات خاصة، ومع كل هذا التعب والإرهاق، إلا أننا نعود من هذه التجارب بسعادة وفرح، قد تكون الرحلة إلى الصحاري الصعبة أو المناطق والغابات البعيدة أو المرتفعات الجبلية، أو مناطق الثلوج وأماكن العواصف والبحار الثائرة، وقد تحيط بك بعض الأخطار أو الصعوبات، ثم تسأل النفس لماذا هذا الترحال والسفر إذا كنت في مدينة جميلة وبها كل سبل الراحة والسلامة والأمان؟
بالتأكيد سوف تقول إنها النفس التواقة دائماً إلى التغيير، وحب التحدي وإثبات الذات القادرة على إخضاع الصعاب، بالإضافة إلى الحالة النفسية والشعور بالسعادة وتجديد روتين الحياة اليومية، ثم إن هناك هاجساً آخر وهو التعرف على المدن والبلاد الأخرى المختلفة بالتأكيد عن المكان الذي أمضيت فيه جل حياتك، والسعي لخوض تجارب حياتية جديدة. أهم شيء هو الانعتاق من قيود الحياة وضجر أيامها، حتى وإن كانت جميلة، إلا أن التكرار في كل شيء ونحت حياتك وجمودها في مكان محدد، ومع نفس القيود وطبيعة حياة المدينة ورتمها المحفوظ والمعتاد، يجعل مشروعية الترحال والسفر إلى البعيد أو الجديد هو الوقود الذي يمدك بزهو الحياة، فإذا عجزت الإمكانات والقدرات، على الإنسان أن يجدد في حياته وأن يحصل على رحلة واحدة في العام على الأقل.. إن الترحال والسفر إلى المدن الكثيرة في بلدك من ضروريات الحياة، وإن عجزت حتى عن السفريات الداخلية الصغيرة، فإن من الضروري والمهم أن تذهب كل فترة إلى شاطئ البحر في مدينتك أو إلى الحدائق العامة، أو العمل في حديقتك الخاصة، وتجعل من إجازتك الأسبوعية فرصة للعناية بالأشجار وريها، أو تنظيم أمسيات عائليه جميلة مكافأة لنفسك على مجهوداتك اليومية في العمل والانشغال مع الأطفال والتعليم والدراسة وأعمال المنزل.
قد تصحو صباحاً وتجد نفسك تواقة إلى التحليق خارج المدينة التي تقطنها، حتى وإن كانت رائعة وجميلة في كل شيء، وحتى وإن كانت أيامك ورتمها المعتاد يسير بنفس الهدوء والوتيرة، إلا أن جرساً قوياً يقرع في داخل الجوف، يقول لك كفى يا هذا.. ارحل إلى البعيد، غادر المكان، اِحزِم حقائب السفر وطر إلى مدن الجمال والأزهار والاخضرار، حلق إلى الجهات الأربع، حلق إلى الابتسامات الجميلة، هناك حيث تخرج الشمس من مخبئها، ساطعة بقوة وإشراق جميل، اعبر النهر الكبير في زورق يعانق الماء وتعزف مجاديفه بكل خفة وشجن نشيد النهر أغنية خالدة، أو أَبحِر في قارب سريع إلى الجزر الخضراء الجميلة التي تزين الماء، وتجعل من مدينة الشرق الساحرة (بوكيت) وردة تطفو على الماء بألوانها الزاهية.. مدننا جميلة، ولكن لا بد من السفر ليزداد الحب والشوق إلى هذا البلد العزيز الجميل.