كيف تكون الدول عظيمة؟ عندما تفترش وشاحاً منقطاً بالحلم، يلونه الحب بانفتاح على العالم، ويد تمتد بالخير للجميع، من دون تصنيف، أو تحريف، أو اصطفاف إلا إلى المعروف إيماناً من لدن حكيم، عليم بما تحتاجه الحياة من تضامن، وتعاون، وانسجام، لأجل أن تصير أمنا الأرض بساطاً أخضر، عشبه من تلك المشاعر المرهفة، ونخيله من ذلك الوجدان المكلل بعناقيد الرخاء العاطفي.
وكالة الإمارات للمساعدات الدولية، هي ثمرة وعي، وبذرة إدراك بأهمية أن نكون جميعاً على هذه الأرض أشرعة مفرودة على المدى، ويكون الفضاء بحرنا الذي في لجته ترفرف زعانف الخير، وتهتف طيور العطاء هيا نمضي جميعاً نحو غايات هي مربط أفراس الحياة الهانئة، وهي ميدان انطلاق الأحلام الزاهية، إلى عالم تسوده المحبة ويملأ جعبته الوفاء، للإنسان، في كل مكان، وقد دأبت دولة الإمارات منذ التأسيس، على تقديم العون للأشقاء والأصدقاء، عبر مؤسساتها الخيرية، محمولة على أكتاف مؤسسة زايد الخيرية، ومؤسسة خليفة، وجمعية الهلال الأحمر، هذه الأضلاع الثلاثة لأعمال الخير، نمت، وترعرعت وشبت على السخاء، ونجدة المحتاج، وغوث المعوز، واليوم سوف تكون وكالة الإمارات للمساعدات الدولية، جناحاً يتسع المحيط، وشراعاً يملأ الفضاء، وخيراً يعم البشرية، ونحن في محيط البشرية مركز الدائرة، نحن القطر، والوتر، نحن النهار الفصيح والليل المستتر، نحن جملة معرفية في رواية العالم، تحكي قصة الحب عندما يصبح كائناً أخلاقياً، يجوب العالم، ليمسح عن جبين الإنسانية بؤس الحاجة، ورهط العوز.
وقد استطاعت دولة الإمارات من خلال أجنحتها الخيرية أن ترفع الضيم، وتنهي المعاناة، وتكبح الشقاء، وتزرع الابتسامة على جباه الملايين من البشر في مشارق الأرض ومغاربها، متحدية بذلك ظروفاً، وصروفاً، مؤمنة بأن الخير عندما يعم يصبح سحابة ممطرة، على أثرها تخضر الضمائر، ويرقص الطير طرباً، وتعزف الفيافي أنشودة الخلود، وتترنم الأغصان بهجة وسروراً، ويعيش العالم في جود ونجود، وتمضي الركاب ريانة بالطيب، والتطيب، وينتهي الغبن من الوجود، وينتهي الحقد وتتلاشى النفوس المريضة، وتبزغ أقمار السعادة، وتسفر الليالي عن نجوم بحجم الإمارات وسعة خيرها، ومساحة عطائها.
والعطاء سمة إماراتية بامتياز، ووسم، ووشم، صنعه الباني المؤسس، طيب الله ثراه، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وعلى أثره تمضي جياد الخير، مستمرة في بث الفرحة في نفوس المحتاجين، مستمرئة في تقديم ما يثلج صدور المعوزين، ذاهبة في فتح آفاق الخير، إلى أوسع مدى، مقتفية أثر عشاق العطاء، منذ فجر التاريخ لأنها على يقين أنه ما من سلام يدوم في العالم إلا وقد وصل عطاء الخير إلى ذروة مستواه، وأصبح العالم في باحة وبحبوحة، أصبح العالم في مكان يليق بالبشرية أن تؤمه، وكل ذلك يحدث اليوم، والإمارات رائدته، ومائدته الثرية، الإمارات هي اليد المفتوحة وهي الصدر، والنحر، هي كل ذلك فقط لأنها الإمارات التي لا تشبه إلا نفسها، وقادتها الكرام، هم النسمات التي تهفهف على وجنات، وجباه، وهم الظل الذي يحمي الوجوه من اللظى.
حمى الله الإمارات، وقيادتها الرشيدة، وجعلها دوماً الخير كله، والسد كله، والنعيم الذي يرخي شرشفه على القلوب، فتبيض فرحة، وحبوراً.