سبعة أهداف، وصراع في ملعب الجوهرة، وتفوق كامل وساحق لشباب برشلونة، لكن هناك مهارات في الفريقين تصنع حلولاً، بالمراوغة، وبالتمرير. وهناك أيضاً ما يقارب 63 ألف متفرج تتعالى صيحاتهم وصرخاتهم وهتافاتهم مع كل تمريرة ومع كل مراوغة، ومع كل تسديدة، وأتذكر أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي.. فلاعبو برشلونة يتحركون في الملعب كما الفراشات، يحومون حول منافسيهم، ويلدغون مرمى كورتوا كما النحل.. وفي النهاية تفوقت خلية برشلونة، واستمتع الملايين بفيلم يعرض أعلى فنون كرة القدم.
قال كارلو أنشيلوتي: «لا أعرف ما حدث، لا أعرف ما يحدث مع مباريات الكلاسيكو لكنها كانت مجنونة بعض الشيء مؤخراً».
تصريح منطقي، فأثناء المباراة كانت تعبيرات وجه أنشيلوتي تقول إنه لا يعرف ما يجري، ولا كيف أصبحت مباريات الكلاسيكو الأخيرة عامرة بتلك الإثارة والأهداف الغزيرة، ففي آخر 10 لقاءات سجل الفريقان 35 هدفاً، وفي أكتوبر الماضي فاز برشلونة على ريال مدريد في سانتياغو بيرنابيو بأربعة أهداف.
عاش عالم كرة القدم سنوات يتابع الكلاسيكو الذي اختصره الإعلام في مواجهة فردية بين ليونيل ميسى وكريستيانو رونالدو، وبعد هجرة رونالدو إلى الشرق وميسي إلى الغرب، أعادت المواهب الفائقة في الفريقين روح الكلاسيكو التي غابت لفترة، وكم كان مدهشاً أن يتقدم برشلونة بثلاثة أهداف مقابل هدف ويواصل السيطرة والهجوم سعياً لمزيد من الأهداف على الرغم من أن المنافس هو الريال المدجج بالنجوم والألقاب، وانظر كيف صنعت مهارات لاعبي برشلونة الفرص والمتعة، فالهدف يسبقه عرض في المراوغة، والتمرير، والتسديد والانتشار والاقتحام، وهو ما أضفى على مدرجات ملعب الجوهرة المشعة، حالة بهجة مشعة وسط الجماهير في المدرجات وصفها أنشيلوتي بأنها حالة مجنونة.
كان فريق هانسي فليك جيداً للغاية لمدة ساعة، سيطر على المباراة، ثم لعب بعشرة لاعبين لمدة نصف ساعة، بعد أن تلقى حارس المرمى تشيزني البطاقة الحمراء، وبرغم النقص العددي لعب برشلونة بثقة وبهدوء، شاهدنا سبعة أهداف، وكان هناك نصف ساعة متبقية، وهو ما يمثل غالباً عمراً بالنسبة لريال مدريد العريق، لكن الفوضى حكمت أداء الفريق.
أما برشلونة فقد كان لاعبوه مثل الفراشات السعيدة تحوم حول ضوء ريال مدريد، بمهارات لامين يامال، ورافينيا، وجافي وبيدري، وكوندي، وكاسادو، والفريق يهاجم ويمتلك الكرة كما يشاء، وحين يفقدها يسارع ببناء التحصينات في الدفاع. ودائماً هناك في الوسط خمسة لاعبين يتحكمون في مسارات الهجوم والدفاع، والواقع أن الصراع الحقيقي في الميدان كان بين تسعة لاعبين، خمسة من برشلونة وأربعة من الريال، فالفيردي، وبيلينجهام، وكامافينجا، ورودريجو، ومع قاعدة + 1 في وسط الملعب تفوق فريق برشلونة في مجمل الصراع.
** هذا العرض الشائق منح «الكلاسيكو» سمعة أكبر من قوة «الليجا»، ولذلك بعد 259 مباراة في كل المسابقات، ما زالت كل مواجهه بين برشلونة وريال مدريد لغزاً ينتظر الحل مع صفارة النهاية!