التغيير مياه جارية تزيل الطفيليات من تربة المكان، وهي المصفاة التي من خلالها تتم عملية تنقية الأرض لأجل رفاهيتها، وثراء معدنها.
في سبر الحياة تبدو البحيرات المغلقة، مثل قفص يسجن إرادة الطير عن التحليق، ويمنع قدرة الأجنحة على الرفرفة.
هكذا هي الطبيعة، وهذه هي سيرورتها، وسيرتها في التعافي من الترسب، والتكلس.
كذلك المجتمع، فحتى يتمخض عن مبدعات تنير الحياض، وترفع من سقف المنسوب الاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي، لا يمكن لحضارة أن تحفظ الود مع التطور من دون أنامل تخيط قميص التغيير بتأنٍّ، وتبصّر، وثقة، وثبات، وحنكة، وفطنة، تعبيراً عن رغبة المثابرة، ومداهمة العقبات بعقل ثاقب، يبحث عن ذاته بصورة الفراشات التي تتسلل بين وريقات الجمال بحثاً عن عطر يعبق الأنفاس، ويرتب المشاعر، ويهذب القيم، ويرتب شعيرات الحواس الخمس، لتصبح نافذة، يقظة، تستقطب جل قدراتها في اختيار المستقبل، كمحطة تقوده إلى نجوم السماء، ومنطلق يؤدي به إلى مسارات ذات بريق كأنه لمعة القمر في أحشاء السماء.
كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، إيحاء كأنه القصيدة، تبعث برسائل لمن يهمه الأمر، بأنه لا تطور، ولا نهوض بدون التغيير الدائم، لأن في التغيير تحدث المعجزات، وفي التغيير تشرق المنجزات، وفي التغيير ترتسم الابتسامة على المشاريع العملاقة، وفي التغيير تستمر الحضارة محافظة على رونقها، وقوّتها، وبريقها، وتألقها، وأناقتها، ولياقتها، أما الجمود فهو هلاك، وضياع، وضعضعة، للمكتسبات.
كلمات سموه توقظ في الضمير الجمعي، روح المبادرة، وشهامة المجازفة، لأجل ملامسة النجوم، والارتباط بالكواكب، والذهاب معها إلى حفلة التاريخ على مدى الدوران، والحركة الدؤوبة.
الإمارات بفضل هذه السياسة، الواعية لأهمية أن نكون معاً في الحركة، وأن نكون دوماً في قلب الوجود، نحرك، ونتحرك، وفي وجداننا، تكمن قيم الطبيعة الخلاقة، وشيم الموجة الناشطة في فؤاد الماء، تمنحه البياض، وتسمعه صوت الوشوشة، بترنيمات كأنها أوتار قيثارة بدوية تنادم الصحراء، وتغني للنخلة، أغنيات الصيف، وتثري وجدان الغافة، بمنمنمات تشيع الجمال، كما توسع حدقة التطلع إلى غد مشرق، وبشمس نهار ذهبي.
في الإمارات اليوم نرى التطور ملازماً للتغيير، والتحرك نحو الغد بخطوات أوسع من وثبات الجياد المخضبات بالهوى، جموحاً، وصهيلاً، لأجل أن يستمع العالم لدقات السنابك، على مهج التراب، ورفرفات الأعراف كأنها الأعلام تحيي حضارة بلد، نمت خصلات جدائلها على همس النسائم، وأنفاس عشاق النجاح، والسائرين على دروب الظفر، حباً وإيماناً بأن الحياة عجلة نحن الذين نحرك آلتها الضخمة، ونحن الذين نمنحها الصوت، والصيت.