عام مضى وعام سيولد بعد يومين، أحلام ماتت وأحلام ستنهض، أمنيات شحبت وأمنيات ستتألق، طموحات نُسيت وطموحات تتوقد، حلقات تتتابع، موت وولادة، عثرات ونهوض، يأس وأمل، تماماً كتعاقب السنين وتعاقب الفصول، إنها حركة الزمن والكون والحياة، حركة الروح الإنسانية البالغة الدهشة والفتنة والإعجاز، لاشيء يموت، إذ كل شيء سينبعث، لا شيء يفنى إلا ليحمل بذرة ولادته الجديدة، هكذا في الطبيعة وفي حياة البشر، وفي الوقائع والأحداث.. عام مضى!، فكم من أحلام تحطمت، وكم من وقائع مريرة، كوارث وفدائح وأهوال وأعاصير ورزايا..!.
سلسلة تمتد في سيرورة حياة بعض الشعوب، شدت عليهم حصارها وزنرت أرواحهم بثقل ما ابتلوا به، كي لا يخرجوا إلا للرجوع إلى ما خلفته خطاهم في مسيرة اليأس والأمل والتبدل، في سجل العثرات والنهوض والحلم بالانعتاق، كم أتوق أن أكون أفضل مما كنت قبل عامين، وأعوام!، كم حلمت وخططت وهمست لروحي: صبراً جميلاً!، فبالصبر سأبني صروحاً من الأحلام، وأزرع حقولاً من الأماني، لعل الغد أفضل من الأمس، ما دام الحلم هو الحرية الأبدية التي يملكها الإنسان، وهو الذي يجعل الحياة أفضل، ويجعل السلام والطمأنينة مليئة بالحب والمسرات وسوف أهلل لبُناة مجد الإمارات، وأخرج من مجامري حيث ينبغي للهب أن يغادرني، وللياسمين أن يتسلق هامات الصبايا، ولن يضيع سدى كلامي الشفيف، ولن يخبو جمر معانيه، عام سيولد من رحم الزمن..!.
فرني يا أجراس البنفسج ويا حارسة العتبات والفتنة والفصول، العام يوشك وأنا هائمة في غموض الندى، وأزرع البذار، وسوف أهتف للطير الطليق: مرحى، ملأ كفي الماء وذهب السنابل، فلا تجزعي، ارخي قوادمك واهدئي في حديقة بيتي كل يوم وكل عام، أنا الطليقة، لا سقف يحط بثقل وطأته على فضائي، ولا سياج يشد على حصاره، ولا سماء غير ما ترسمه الروح العصية، ولا مدى، غير تضاريس مداي!.
فيا أيها العام الجديد.. هل لا يزال الأفق مغبرا؟، والرؤى فيض إعتام، وأنا واقفة على شرفات الانتظار أترقب ما سوف يأتي به العام الجديد لي، فقد أفرغت حقائبي من بهجة الأحلام القديمة كي أعبئها ببهجة طازجة وأهتف: كم مسرة ستبهجني؟، أية ألوان لأحلامي الجديدة أنتقي؟، كم وردة للقاء سأحمل؟، كم قبلة على خدود أطفالي سأطبع؟.
فألف تبريك بالعام الجديد للفتيان إذ يحملون مشاعل الغد، للصبايا حارسات ينابيع الحب، للأحبة في الأقاصي، للإمارات الصاعدة في سلالم التطور، للشعراء والكتاب والعلماء حين يبدعون الجديد..!.