عشرون عاماً مضت منذ أن غادر دنيانا الفانية الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أباً وقائداً سيظل حاضراً في قلوبنا وأفئدتنا، وفي الوجدان والذاكرة الوطنية. زايد لم يكن مجرد قائد سياسي ساقته الأقدار في لحظة مفصلية من تاريخ هذا الوطن الغالي، بل كان الأب والقائد وصانع اللحظة التاريخية التي قادت مع إخوانه المؤسسين لتأسيس وإعلان قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة. ليس ذلك فحسب، بل اعتبر نفسه الأب لكل إماراتية وإماراتي من جبال الفجيرة شرقاً وحتى تخوم بدع زايد غرباً.
زايد تجربة قائد بنى وطناً بالحب والقيم السامية، ومهما توالت الأيام والسنين، سيظل الحاضر دائماً وأبداً في قلوبنا ووجداننا. لم يكن هناك تعميم إداري عن المناسبة، وإنما كان الأمر استشعاراً بحب الرجل وذكراه ومآثره وسيرته العطرة على كل لسان في مختلف أرجاء الكرة الأرضية، وعند كل من وصلت إليه أيادي زايد البيضاء في مشارق الأرض ومغاربها. ولم يكن يميز في عطائه للإنسان بين أسود أو أبيض، أو عربي وغير عربي، أو بين مسلم وغير مسلم. كان الكل عنده بشراً من خلق الله.
وعندما يتعلق الأمر بالوالد المؤسس، نستذكر الوصية العظيمة لوالدنا سلطان القلوب، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عندما قال سموه: «أيتها الأم… أيها الأب… أمسك القلم واجعل أبناءك حولك، وسطر… هذا ما كان يحبه زايد، وهذا ما كان لا يحبه زايد، واجمع تلك الأوراق، وضعها في الصدور، وضعها في مقدمة الدستور، وبهذا الوفاء نكون قد أوفينا زايد حقه».
إنه «سلطان القلوب» القائل: «وإذا بنجم يلوح في الأفق، من هذه الأرض، نجم لاح لناظر على صفحات الماء، وهو رفيع، كان ذلك زايد بن سلطان آل نهيان. وإذا بالرجل وبهمة الرجال، يسرع الخطى ويختصر المسافات، ويؤمن الخائف، ويطعم الجائع، ويعلم الجاهل، ويكوّن أمة، وأقول إنه هو الأمة. وإذا به ينقل هذه الدولة الفتية إلى مقدمة الدول في العالم، يرتقي بها يوماً بعد يوم، وتكتسب هذه الدولة من خلال سياسته الحكيمة، كل صدق وكل وفاء، كل محبة من جميع الدول على هذه البسيطة».
رحم الله الشيخ زايد وأسكنه فردوسه الأعلى مع النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقاً. لن ننساك يا زايد، نذكرك وندعو لك في كل صلواتنا بقدر ما أسعدتنا وأكرمتنا في حياتك، وأكرمتنا بعد رحيلك بأن تسلم الراية والأمانة من صانها والعهد، وواصل مسيرتك، مسيرة زايد الخير.