الحي الثقافي في دبي نقلة في النوع، صولة في الشكل، ومهارة في المعطى، وبراعة في الإنجاز، يشي بمشروع ثقافي يحمل على عاتقه حكاية وطن دامت رؤيته في الاتجاه نحو كتابة التاريخ بحروف ملؤها حبر من سيولة القصيدة، وفراسة الشاعر، وفروسية الكلمة وهي تصول في ميادين الرهافة، وتجول في مضامير السؤدد من أجل عقل له في المعرفة بيت الحكمة، وله في الشغف الإبداعي منزلة النجوم، وله في الخطوات نحو المستقبل أجنحة النوارس، وله في الوثبات سنابك خيل عاديات ضبحاً وموريات قدحاً.
في هذا الصباح أشرقنا على شموع شمس حملت في الطيات خبر حي له سمة الدهشة عندما تسكن أفئدة الحالمين بنهار تشع سماؤه بأهداب نسيجها من معانٍ تربط الكلمة بالنهضة الاقتصادية التي ترتع في حقولها دبي، وينهض بمسؤولياتها شاعر روض الكلمة، وفارس أمعن في تثبيت الإرادة على صهوة الخيل المسومة.
وهنا نتأمل المشهد الثقافي في دبي والإمارات عامة، بعد زمن وجيز كيف سيكون مآلها وهي تفرد الأجنحة في المدى، وكيف يستقبل المثقفون هذه السحابة وهي تثري عالمنا العربي بإبداع لا يسف ولا يرتجف، إبداع يكمن في ضمير قائد حمل على عاتقه مسؤولية الإنسان، كما تحمل عبء الكلمة محمولة على كتف قصيدة مفعمة بوشائج القربي مع زهرة الثيمة الإبداعية، كون الإبداع هو السر، هو السبر، وهو السيرورة في بناء مشاعر إنسانية معطرة بالشفافية، مضمخة برائحة الغافة وجدائل النخلة الوفية.
هكذا استقبلنا خبر المشروع الأهم، مشروع الحي الثقافي، هكذا انبرت قريحة الصباح عن إشراقة وفية مع مشاعرنا، وأهداب الشمس وهي تدلي بتصريحها الأخير كانت تسجل للأيام فجراً جديداً ونهاراً يتمشى على سواحل الذاكرة مشية القطا، ويحرك فينا نسائم بوحها مجدولاً بحرير الفرح، وعلاماتها تشير إلى صوت الضوء عندما يدوزن لحن الاخضرار في داخلنا، وحركة النجوم وهي تبحث عن مكانتها في أفئدتنا.
في صباح هذا الخبر الأهم، دهمتني لمسة بنعومة الأنامل المخضبة بنخوة الأنوثة، فانتبهت إلى فعل التاريخ، وكيف يكون مثل الموجة عندما يحرك في الوجدان زعانف الفرح ويبدي ويعيد ما قد تبتهل من أجله الروح، كونها ترتوي من معدن الماء الزلال، وترتشف قطرات من مطر المباغتات الأجمل، والرعشة في القلب تتحرك بفعل تحرك الرياح تحت ملاءة الليل الذي جاء بالحلم، فحول الصباح الحلم إلى حقيقة، وكانت البهجة، كانت المهجة تصفق للذين يتوجون رؤوسنا بمجد الكلمة ويكللون نفوسنا بمفردات في مجملها ومعناها أنها للمستقبل لأجيال سوف تفتح عيونها على صرح يرفع الرأس، ويخلد اسم الصانع لمجد هذا الوطن، هذا الموئل الذي طالما افتتح صباحاته بمنجزات كأنها النجوم تحدق في وجه السماء، وتمنح الأرض بارقة تمنحها شهقة الفرح.