على بساط الصحراء النبيلة، نبتت شجرة الشورى، ورعتها مهج أصيلة بنهج ومنهج لم يقبل التسويف ولا التحريف، لأنها شورى الإنسان الذي عانق النخلة بود، وصافح الليل البهيم بأخلاق النهار الصريح، ولما انبعث فجر الاتحاد المجيد سارعت القلوب تبسط جناح المحبة، وتفرد أشرعة السفر إلى حيث تكمن المعاني الجميلة والروح الوفية للأرض والإنسان، مستوفية شروط العيش الكريم، والعلاقة السامية بين الإنسان والوطن، وبين الإنسان ومتطلبات العصر، وبين الإنسان والأهداف السامية، والتي من بين تلافيفها ارتفعت السارية حاملة آمال وطموحات قيادة آمنت بأن الشورى طريق، وأن الحب غاية، وأن الاعتناء بالإنسان هدف.
واليوم عندما نتأمل المشهد الإماراتي، ونقرأ تفاصيل الرواية ونتمعن في الثيمة، والفصول والشخوص والأحداث نرى أن هذا الوطن الجميل الذي تسامق مع الجبال الشم، وتقاسم مع المدى أبعاده النهضوية، واشترك مع المحيط في تواصله مع النبل والعطاء حتى أصبح اليوم في العالم أيقونة العصر، ورمانة الميزان في احترام الآخر، ورفع شيمة التضامن إيماناً من أهل الوطن وقيادته الحكيمة بالالتزام بما سطره المؤسسون من أخلاق التواصل بين جملتي الود والوعي، وكلاهما قطبا المغناطيس الذي منه تستشرف الإمارات وجه المستقبل، وتصافح بهما كف الحاضر بكل ثقة وثبات وإرادة لا تلين ولا توهن ولا تعهن، ولأنها تشربت من فكر المؤسسين ما فاضت به القريحة، وارتشفت من نهر ذاك الماضي العريق ما يجعلها اليوم تمضي قدماً بالوطن بخطا لا تعرقلها شائبة، ولا تعيقها خائبة، لأن الصرح بني على أساس متين، ولأن الشجرة سقيت من ماء المكرمات، ولأن السفينة شيدت من لوح السدرة العملاقة، ولأن الذاكرة نمت على تربة خصبة، ولأن الكف خضبت من لون الفرح، وهكذا نرى أنفسنا اليوم نعيش في عصر تتلاطم فيه الأمواج، بينما سفينة الإمارات تعبر بأمان، وتمر من دون لغط ولا شطط.
هكذا هي الإمارات سيجت بحزام الفكرة النيرة، وتحزمت برباط التمكين، ووثقت علاقتها مع الحلم الجميل والوعي المتجذر في عقول، ما عرفت إلا أنها عاشقة لكل ما هو مضاء بمصابيح الرزانة والأمانة، ومن يشاهد اليوم الحدث على أرض الإمارات، يرى أنها لم تكن هكذا من حيث الصدفة كيف أتت، بل هناك مرجعية تاريخية، هناك كتاب مفتوح، عنوانه الذاكرة الوفية، لكل من لامس هذه الأرض بحب، وكل من عمل على تقديم صورة الإمارات كما هي في فطرة المؤسسين، كما هي في الأهداف التي زرعت كنخلة في أذهان الأجيال.
فهذا النهج، وهذه الاستدامة، إنما تعبران عن الإيمان الراسخ بأن الشورى في اتحاد الإمارات، هو نهج وجود، ومنهج استدامة، هو ذلك الخيط الذي يربط الإنسان بالسعادة والرفاهية.