الحياة شجرة، نحن الذين نضع الثمرات على أغصانها. الناس لا ينتمون إلى المكان، وإنما إلى التاريخ، فالتاريخ هو لوحة الألوان، وهو شجرة الأشجان، وهو وتر الألحان، التاريخ كل ذلك، إنه لم يكن شيئاً قبل مجيء الإنسان، التاريخ صنيعة إنسان فكر أن يجعل للحياة أرقاماً، ومن خلالها يصنع سلم تطوره، ورقيه، ونهضته، ونشوء حضارته، وتراكم خبرته. 
فالإنسان في حد ذاته رقم لا غير، الإنسان وجد من أجل أن يكمل حلقة الأرقام في الحياة، ولولا وجود الأرقام فلا وجه للحياة.
نحن ننعم بوجود التاريخ، لأنه يختزن في داخله الذاكرة، وما الذاكرة إلا أرقام للفعل البشري الذي منه تتكون الحضارة، وتنمو أشجارها، وتتفرع، وتسمق إلى حيث تكمن الغيمة.
في الإمارات تبدو شجرة الحياة، مثل السماء، الإنسان الذي رصعها بنجوم رؤيته السديدة، الإنسان الذي فرش الغيمة، لتكون مظلة تحمي الشجرة من حميم الشمس، وجفاف العاطفة.
منذ النشوء، والإمارات ترتب وعيها على أساس البناء المبثوث من زرابي، والمصفوف من نمارق، وعلى نمط السجادة الحريرية، تنسجم الأفكار في هذا البلد الذي تربى على فكرة أننا نمضي في الحياة مثل أعمدة البيت تشد بعضها بعضاً، ليستمر البناء في الصمود، والاستقامة، والحفاظ على جماله، وحسن هيئته، في الإمارات تراكم الخبرة خير وسيلة للالتحام بالعالم، وأفضل طريقة لكتابة الملحمة الحضارية، على سبورة التاريخ، وهو الأمر الذي جعل الإمارات اليوم، فصلاً من فصول الإبداع في مختلف المجالات، لأن القيادة الرشيدة آمنت بأن الحضارة لا تبنى بيد واحد، ولا بطرف وحيد، وإنما هي نتاج فريق عمل متكامل، يعمل بقناعة أنه لا بد وأن يسلم الراية غداً إلى فريق نشأ على أفكاره، وقيمه، وأحلامه، وأهدافه.
وهكذا تستمر المسيرة، هكذا تكبر الشجرة، وهكذا تبدو الأغصان يافعة، والثمار يانعة، وجداول الفكر تمر حولها، تتفنن في إروائها، وتبدع في مداعبة جذعها، وتجزل في ملامسة مشاعرها، وكلما مر الزمان، فاضت قريحة الشجرة الإماراتية، بمزيد من العطاء، ومزيد من البذل، ومزيد من المهارات، حتى أصبحت الإمارات اليوم، الشعاع الملهم، والساحة المعبرة عن طموحات بلا نهاية، وأهداف تتسع حدقاتها، كلما تم إنجاز مشروع، طفق مشروع آخر، ينبئ بمجيء مشاريع أخر.
هذه هي الإمارات، هي تلك الشجرة، الوارفة، والناس عصافير، تنقر قمحة المجد، وتذهب مصفقةً في الفضاء الرحب، محتفيةً في كل يوم، بانتصار جديد، ومحتفلةً في كل يوم بظفر جديد، يعبر عن قوة الطاقة الإيجابية لشعب التحم مع قيادته، لتشكيل لوحة فنية فريدة، على أرض الصحراء النبيلة.