بينما تتسابق الأدخنة للصعود إلى السقف، وتخضع الأرض لتراكم بغيض يحد من نموها واستمرارها في العطاء، نرى على الطرف الآخر، دولاً وحكومات تسعى جاهدة لردع هذا الطوفان البيئي من خذلان الحضارة وكبحها ومنعها من النهوض برسالة الحلم البهي.
في الإمارات تبسط حكومتنا نمارق الطمأنينة للبيئة، وتبث سجادة الوعي في أذهان الناس، لكي يتخلوا عن الفزع، ويتجنبوا تبديد البيئة والعبث بمحتوياتها، لأنه ما من عقل نقي إلا ويضمن بيئة مرتاحة على أرائك النظافة وصفاء القريحة ونقاء المضمون.
اليوم في الإمارات، تبدو البيئة وكأنها طبق من فسيفساء صقلت بزعفران الوعي الإماراتي بأهمية أن تكون الأرض يداً مخضبة بالفرح، مدهونة ببريق الجمال، مصفوفة بعناقيد الأمل، ولا براعة سوى نباهة العقل عندما يعي أنه الممحاة التي تشذب جملة الحياة، وتهذب عبارتها بمزيد من الاهتمام، ومزيد من الحرص على أن نجنب أرضنا عواهن العدمية، ونبعد عنها وهن العمل اليومي، لأنه لا رقي، ولا تقدم مهما بلغت المصانع والمتاجر من بلاغة ونبوغ إلا إذا وعينا بأهمية أن تكون البيئة هي المسطرة التي تحدد عدد السطور التي نكتب عليها مجد تاريخنا النهضوي، وفحولة إنتاجنا الاقتصادي، ولهذا السبب، ولهذا الأمر المُلح، تذهب الإمارات توقاً لمنع تجاوز الأدخنة حدودها، وكبح جماح اللا معقول كي لا يصل إلى عنق الزجاجة، ولا يحقق مبتغاه الفوضوي في اكتساح مكتسباتنا، وتشويه الصورة الجمالية التي رسمتها أيدي فنانين، لتكون في المدى زمرة العالم، وتكون عقده الفريد، وتكون قبلته التي ينهل منها مثاله، ويستقي منها نموذجه.
واليوم نجد قبائل العالم تضرب صحارى وشعاباً وبحاراً وفضاءات كي تطأ أقدام ركابها على هذه الأرض الطيبة الزاخرة بكل ما يمتع، وكل ما يسعد وكل ما يبهر، وهذا التدفق العتيد من مختلف بلدان العالم، لم يتكون من فراغ، وإنما هو نتيجة حب وإعجاب بما تقدمه الإمارات من منجزات فيها من الإعجاز ما يدهش، ومن البراعة ما يذهل، ومن الفرادة ما يجعل الضمائر تهفو إلى الوصول لكي ترتوي من عذب المعطى، ولكي تملأ القلب والعين من بريق المشاريع العصماء، وكأنها المعلقات على جدران البديع في اللغة، وفي الصوت والصيت.
هذه هي الإمارات، وهذه بيئتها التي صنعت بعقل ريادي استطاع خلال عقود وجيزة أن يتجاوز دولاً، وأن يبني لشعبه حضارة، لا مثيل لها ولا مواز.
الإمارات اليوم، واحة لاسترخاء العقل، وراحة القلب، وانفتاح الوعي على مناخات ذات أجنحة فارعة، لا سقف لها إلا السماء، ولا موئل لها إلا الأرض الرخية المفعمة بروح وريحان وطيب معشر وحلو أساور تطوق معصم الحقيقة، وقلادة حب هي نطاق الأرواح الشفيفة.
في الإمارات اليوم تبدو الحياة نجلاء هيفاء ناعمة بارعة في بث روح اللطافة في أفئدة عشاق الجمال، ماهرة في استقطاب محبي الحياة، وهكذا تستمر المسيرة، مكللة ببيئة أنقى من عيون الطير.