- زمان.. كان «هاب الريح» عندنا ينتظر أن يسمع أي صائح ولو من بعيد، حتى تجده أقرب إليك من «نصخك»، ويقوم بالذي يقدر عليه، والذي لا يقدر عليه، ولا يترك المكان إلا ويضع عليه بصمته بالخير والمعونة والمساعدة، ولو خسر الذي وراءه ودونه، اليوم.. «هاب الريح» اختفى من بيننا، وصار لائذاً بالأمكنة، وتغرب في المدينة الجديدة، وصار يخاف أن يسمع أي صائح، لأنه لا يقدر أن يكون على طبيعته، ويكون عوناً وسنداً ومسعفاً، كما كان في الأيام المنصرمة، هناك بعض من الأشياء القيمة أصبحت تنسلّ من مجتمعنا، ذاهبة في غربتها العصرية، دون أن تجد منا التفاتة، ونظرة تحسر على فقدها في يوم من الأيام، «هاب الريح» كان يضرب به المثل!
- لا أعرف لماذا يصر البعض من الدعاة الإسلاميين الجدد، -وهم كُثر - أن يتولوا بأنفسهم جمع التبرعات، والحرص على حض المسلمين على دفع الصدقات لهم، لأنها ستكون في أيد أمينة، ليوصلوها إلى المتعففين الذين يعرفونهم واحداً واحداً كما يقولون، وبذلك يعينون أنفسهم جباة للدين، وخازني بيت مال المسلمين، وما أن تفتح العيون على تكدس الأموال بين أيديهم، وأنها تسير في مصارف غير شرعية، ومصارف شخصية، حتى يرغوا، ويزبدوا، ويلقون تلك الخطب النارية المحشوة بأحاديث، وآيات لا تخص الموضوع، وتتحدث عن الأمانة والإخلاص، وأن حملها ناءت به الجبال الرواسي، وكأنه يريد أن يدافع عن نفسه غير الشريفة، والأمّارة بالجمع والصرف من أموال المسلمين المتبرعين، وكأنه أب لأيتام المؤمنين! هؤلاء المؤمنين جباة أموال الصدقات والتبرعات والمتظاهرين بالتقوى، هم أس الفساد والبلوى، وليتها بقيت دُرّة عمر بن الخطاب ليتعظوا، ولا يوعظوا!
- ليس هناك من شيء مثل القهوة والبيض حيرا العلماء والأطباء والدراسات والاستقصاءات، وخبراء التغذية، مرة يظهر طبيب وخبير تغذية ويمدح القهوة، ويقول في مزاياها وفوائدها ما لم يقله مالك في الخمر، وما «يحواي» له أسبوع، إلا ويظهر آخر في أقصى ربوع كندا يناقض فيها ما قاله الطبيب الإندونيسي، زاعماً أن لا فائدة منها تذكر، ولو كانت تلك القهوة التي تسمى قهوة زبّاد النخيل، والمسماة بالإندونيسية: «Kopi luwak كوبي لواك» المستخرجة من فضلات ذلك الحيوان الصغير، والتي هي أغلى قهوة في العالم، وهناك دراسات من مخابر ومراكز محترمة تحلف لك أن القهوة منعشة للمخ، ومفيدة للقلب، وتحسن العلاقات الزوجية، ولها فعل عجيب ومؤثر على المثانة، وتنفع في سنوات انقطاع الطمث، وبعد قليل من ذلك الفرح لكل «الشريبّة» في الدنيا، يخرج مختص هندي يموت على «الكرك» الصبح والظهر والعصر والعشاء، وينسف دراسة ذلك المركز المحترم، ويبرهن بالأدلة والحجج أن مضار القهوة أكثر من فوائدها، وإلا ما عافها أكبر شعبين في العالم من حيث كثرة النفوس، هما الهنود والصينيون، وفضلوا عليها الشاي بأنواعه، والذي ينطبق على القهوة، ينطبق على البيض الذي لم يتفق اثنان على منافعه وعلى مضاره، مرة يقولون لك: أن البيض من أفضل الأغذية مداً بالبروتين الصحيح، وخاصة المح، وبعدها بشويّ يظهر واحد يذم المح «صفار البيض»، ويفضل عليه الأح «بياض البيض»، وبعدها يظهر خبير أغذية أقرب إلى محترفي المصارعة الحرة، ويأكل عشر بيضات في اليوم، ولا يشكو بأساً، والود ودّه بس لو يلاقي واحداً يذم البيض، لكان كفاه معضلة رؤية نجوم الظهر!