منذ أن فتحنا عيوننا في صفحة الحياة، كانت الكويت كتاب ألفة ومحبة، ومسعى للتضامن مع الشقيق والصديق، عندما نقلب دفتر التاريخ ونمسك بزمام الطفولة، نرى حافلة الكويت تزف لنا قائمة من علاقات المودة، نرى موكباً من الأيادي الخيرة يضم مشاعرنا بالحب، فكانت الكويت في زمن السماء الداكنة مصباحاً منيراً يضيء سماء الأشقاء بكل ما يحتاجونه من سبورة اليوم الأول لتعلم الأبجدية، كانت الكويت ترنيمة الخليج العربي على ضفافه تغرد طيور الوعي، مستلهمة من خيرات المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير الكويت الراحل، كانت الكويت تحمل أشواقها العروبية بين صفحات الكتب المدرسية التي تزفها هدايا سخية لأبناء الإمارات وبكل ود وكل سد، وكل شفافية، واليوم عندما نتأمل المشهد في الخليج، ونقرأ ما تقوم به إمارات زايد الفضيلة، إمارات زايد الإنسانية نشعر بالفخر كيف استطاعت الإمارات الأبية خلال فترة عقود من الزمن، أن تنهض بالمسؤولية الأخلاقية وأن تتبوأ الدور المقدس في التضامن مع الإنسان في كل مكان وزمان، وتقديم العون لكل من يحتاجه ويتمناه، إذن فالفضيلة قيمة أخلاقية خليجية بامتياز، تتصدى لها دول الخليج بأخلاق المؤسسين وقيم الذين حملوا الراية من بعدهم، وساروا على طريقهم، مؤزرين بمشاعر الدين الحنيف، وقيم أبناء هذا الخليج الحالم دوماً بعالم تكسوه المودة، وتطوي عباءته أخلاق الطيبين، وتلف أجنحته رسائل عريقة، بعراقة أهل الخليج، ودماثة أحلامهم، ولباقة مشاعرهم، وجزالة عطائهم، وأناقة علاقتهم مع الآخر.
ولا شك تمثل الإمارات والكويت اليوم المثال والنموذج في كتابة رسائل المحبة وفي الانسجام مع الآخر، على أسس الاحترام المتبادل، والإيمان بالحب كأسلم وسيلة لنمو العلاقات بين الدول، والتعاون كأنجع طريقة لبناء وشائج القربى بين الشعوب.
بهذه الأحلام البهية والزاهية بنت الإمارات والكويت علاقاتهما مع القريب والبعيد، واستطاعت الدولتان أن تكونا نبراس الوعي في تأسيس ثقافة الوئام بين الدول، وسارت الخطوات بخطى واثقة، وخطط ثابتة، لا تزعزعها عواصف، ولا تغيرها نواسف لأن الأساس قوي، والإيمان راسخ، والحلم أبعد من الأفق، والإرادة كما هي، كما هي الصحراء جلية، بأشجارها، وطيرها، وإنسانها، ومضارب ثقافتها التاريخية.
الإمارات والكويت جناحا الطير الذي حمل رسالة الحب إلى كل أرجاء العالم، لينبئ البشرية، بأنه لا شيء غير الحب ترياق الاستقرار، ولا شيء غير الصدق إكسير السلام، الأمر الذي يجعل أبناء الخليج اليوم ينهلون من هذا النهر العظيم، يعيشون من دون صدأ يعرقل مسيرتهم الحياتية، لأنهم جزء من هذا النهر، ولأنهم ريشة الطائر الذي حمل المسؤولية، وانتمى إلى الفضاء الحر بكل أريحية، وكل حرية.