بينما آلة العنف تعصف في غزة، ودخان الكراهية يملأ أجواء المدينة، والدماء تسيل تطفو على أغصان الزيتون، نرى بلد الخير والسلام والمحبة يهرع لمداواة أطفال غزة، والتصدي لمرض الشلل الخطير الذي تفشى هناك إثر الحرب والمجاعة وضعف المرافق الصحية واختفاء الدواء في مختلف المستشفيات، ولم يتوقف دور الإمارات على مكافحة المرض فحسب، بل رجالنا الأبطال هناك في مسعى الخير وتعضيد المحتاجين ورعاية المشردين والاهتمام بشؤون كل من طحنته الحرب الضارية، وكل من عانى ويلات النيران المهلكة.
ليس في غزة، بل إن الإمارات موجودة في كل مكان أطاحت بأهله الكوارث الطبيعية أو الغضب البشري، فهذا الوطن مجبول على ملء الساحات بفعل الخير ورفع الضيم وكشف الضنك ودفع الشر عن كل إنسان في كل مكان، ومن دون تصنيف أو تفريق بين جنس أو لون أو عرق، لأن المشاعر الإماراتية مدموغة بقيم الأوفياء للطبيعة وللبشر، والعقل الإماراتي مبني على أسس ومفاهيم أننا أبناء الأرض، وواجبنا الأخلاقي والإنساني والديني يدلنا على طريق المودة لكل ما يسير على الأرض من بشر وشجر وطير، وهذه السمات مزروعة في الوجدان الإماراتي منذ أن نشأ الإنسان على هذه الأرض الخيرة، وعادة مد يد الخير هي رسالة دولتنا للعالم، وهي رفضها القاطع للكراهية والحقد والعدوان على الروح التي كرمها الله، وجعلها نخلة الأرض التي تنبت رطب الحياة الجني.
فالتحضر ليس شعاراً تطلقه هذه الدولة أو تلك، وإنما هو نظرية تطبيقها يستدعي الإيمان بأهمية أن نكون معاً كبشر نتعاون ونتعاضد ونتضامن ونقف كتفاً بكتف في مواجهة المعضلات الطبيعية والبشرية، ليظل العالم ينعم بالصحة، ويترف بخير الأرض ويبذخ بمعطيات الطبيعة والتي هي ملك للجميع.
هذه القناعات، الراسخة هي التي جعلت من الإمارات أيقونة العالم في فعل الخير، وجعلت من علم الإمارات، يرفرف دوماً بالألوان الأربعة عالياً، في كل بقاع الأرض، وأينما ترفع سارية علمنا تشعر بأن العالم بعافية، وأن شعوب العالم تعيش بأمان وسلام وطمأنينة.
ورغم حماقة الآلة الحربية في غزة، إلا أن الإمارات لم تيأس ولم تجزع ولم تتوقف عن النداء الإنساني والتحذير دوماً من تفاقم المواجهات الفتاكة، ولم تتوقف الإمارات عن مناداة العالم كي يقف جنباً إلى جنب لإسكات المدافع وإطفاء النيران في غزة، والتي أصبحت اليوم بفعل الكراهية أثراً من بعد عين.
هذه هي سيرة الإمارات، وهذا سبرها، وهذا سرها، وهذه سيرورتها في الحياة، إنها المعنى في صلب الأبجدية، وهي المحتوى في قلب اللغة، هي البلد الذي يذهب بعيداً في مواجهة كل ما يمحق الإنسان، الإمارات في الفعل والقول بوح على قمة الشجرة يصرخ في وجه الحقد ويقول لا للشحناء.. لا للكراهية، فالحياة أجمل بحضور السلام، الحياة أسلم في غياب الكراهية، الحياة لنا جميعاً، وبتكاتفنا تعلو راية الحلم الزاهي، وتهنأ البشرية بمعطيات الحضارة، ويعيش الإنسان في منأى عن الخراب، وأنياب الدمار، ومخالب الخدعة البصرية.