هي مثل الأرض لها سمت الحياة بدءاً وأبدية، هي مثل السماء لها في الوجود جذر وسبر، هي مثل الشجرة، معلقة بين أهداب الشمس وتلافيف الغيمة.
المرأة في حياتنا، كائن الأبدية، وفي البلاغة لغة الأبجدية، وهي السكن، وهي الشجن، وهي الورطة اللذيذة تبني عشها في تلابيب العمر، وتنتمي إلى رائحة القهوة الصباحية، وتسرد قصتها على صفحات الصحراء، مثل مشية الحبارى تلتقط ثمرات المجد قمحة النمو والارتقاء، وتسير في دروب الشرف الرفيع خطوات تفتح للأفق وعي العشاق الذين صنعوا للوطن علماً بلون البحر والسماء ووريقات اللوز.
هي المرأة في الكون كيان، وفي التكون كائن بعفوية الوردة، ورقرقة الزلال في جداول الأحلام الزاهية. هي المرأة لها في التاريخ حكاية البدء، وفاتحة السرد، ونقرة الطير على تراب التعب، هي المرأة، هي الحكاية الطويلة العميقة في الوجدان، والأشجان، هي النخلة في عطائها، هي الحزام في مربط الخيل عند هامات الرعب المؤدلج بالحب والانتماء إلى النخوة عقدة وعقيدة، هي المرأة تلك الجزالة، وذلك المآل حين تبرد خيمة العيش تكون هي معطف الدفء وتكون عصا الاتكاء، وتكون مقبض الأبواب المشرعة على المدى، هي المرأة عباءة الشرف الرفيع، وطيات الجديلة على منكب وجيد، هي المرأة في الحياة الضلع الذي مد العمر طوراً في النهوض، وتطوراً في صناعة الأمل، هي المرأة في حقل المهارات نبوغ وصياغة بارعة لنص يشمل اليوم والغد وما قبلهما الأمس.
هي المرأة في الديمومة سدرة الزمان، وحضن الطير، وحصن الوطن، هي المرأة أم وأخت وزوجة وابنة، هي ذلك المربع الأنثوي السائل بين العروق، وفي الضلوع استقامة حلم ويقظة روح، وخطوة نحو شغاف النجمة تتلوها خطوات باتجاه المحيط.
هي المرأة، قصيدة معلقة بين الرمش والرمش، وهي راوية مسكونة بأشواق عشاق سهروا لأجل أن يرفل الوطن بالسندس والاستبرق، هي المرأة نسجت خيوط أنوثتها من صرامة الصدق، وحزم الإخلاص لوطن أعطاها، ولم تبخل عليه حباً وتفانياً، وتضحيات جسيمة، هي أم الجندي الباسل، هي أم الشهيد، هي أم المعلم والطبيب، هي أم الوطن، وهي لغة الخطاب ما بين الكائنات وحب الوجود، حب الانتماء إلى عالم لا تحده حدود، سوى حدود الحب.
هي المرأة تسجل في كل صباح من صباحات الوطن، ملحمة من ملاحم البطولات التاريخية، على مدى القرون، هي المرأة، صبوة الموجة في الالتحام مع الشطآن، وهي النخوة في مد جسور الوعي بين السماء والأرض.
هي المرأة التي علمتنا كيف نمسك بشفة الفنجان كي نشرب قهوة الأحلام، وهي المرأة كتبت على جبيننا، أولى الكلمات، فقرأنا محبتها، وكما قرأنا سيرة وطن، ما غابت عنه شمس الحب للإنسانية جمعاء.