ما أصعب أن تجد نفسك في المطار بانتظار رحلتك نحو مقصدك السياحي وتصدم بإلغاء الرحلات لسبب لم يكن ليخطر على بالك، أو تكون في محطة للتزود بالوقود وتريد سداد المبلغ المستحق ويبلغك العامل أن بطاقات الدفع غير مقبولة والمطلوب نقداً أو تريد إجراء تحويل مالي عبر التطبيق الذكي ولا يعمل!
مشاهد عديدة من هذا القبيل عانى منها ملايين البشر حول العالم يوم الجمعة الماضي لأقل من ثلاث ساعات بسبب خلل طرأ على الأنظمة والأجهزة التي تعمل بأحد برامج الكمبيوتر التشغيلية العالمية الشهيرة. وقد تأثرت وتضررت منه الكثير من المرافق والمنشآت حول العالم، ومنها مطارات دولية كبيرة ومصارف وشركات، ومن بينها شركات طيران عالمية، حتى بعض المحطات والقنوات الفضائية في أوروبا والولايات المتحدة.
اعتبر خبراء وتقنيون أن الخلل يعد الأكبر في التاريخ، وقد يتسبب في خسائر كبيرة بعشرات المليارات من الدولارات.
وقال معالي جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في تصريح بالمناسبة: «إن ما شهده العالم الجمعة الماضية يتوقع أن يكون أحد أكبر الأعطال التقنية بالتاريخ، الذي طال كثيراً من المؤسسات العامة والخاصة في العالم أجمع».
وقال: إن لجنتين وزاريتين متخصصتين في المجلس لـ«الأمن السيبراني» و«الحكومة الإلكترونية»، وما يتبعهما من لجان فنية، تعمل عن كثب لضمان مواكبة هذه التحديات، والتعاون المشترك، لتحقيق الحماية للأصول الرقمية في دول الخليج..
نحمد الله أننا في الإمارات كنا الأقل تأثراً بتداعيات الخلل العالمي وبما جرى بسبب التحرك السريع للجهات المختصة، وفي مقدمتها هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية لطمأنة الجمهور ونصحه بعدم التحديث وعدم القيام بأي عمليات تحديث أو تحميل لبرمجيات النظام الذي تسبب في الخلل إلى حين معالجته، مؤكدة أنها تتابع الموقف عن كثب لموافاة الجمهور بالمستجدات.
كما حرص مجلس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات على تأكيد عدم وجود مؤشرات على أية اختراقات أو هجمات سيبرانية إثر الخلل التقني العالمي، ودعت الجمهور إلى أخذ الحيطة والحذر تفاديا للوقوع ضحية للمخترقين الذين قد يستغلون الخلل الفني سيبرانياً. كما أهاب المجلس بالجميع استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية وعدم الانسياق خلف الشائعات.
من أهم الدروس المستفادة من الواقعة استحضار جوهر المثل القديم «لا تضع البيض في سلة واحدة»، وبلغة العصر «لا تخلي أنظمتك التشغيلية على سيستم واحد».