هو كلام خرج من نطاق الظَّرف والمسامرة، وتحول إلى كذب صراح، والكذب يأتينا هذه المرة من رجال نعهدهم لا يكذبون، وإن كذبوا كذبوا لإصلاح ذات البين فقط، بعض المشايخ من كل الملل والنحل والطوائف يتراشقون بصواريخ أرض - جو، وصواريخ عابرة للقارات من كبر ما يبهتون ويزحفون ويدعون ويختلقون قصصاً تحدث في الأرض وفي السماء وفي الماورائيات والغيبيات، فتجد الواحد منهم يكذب ويحلي الكذب في أذهان المستمعين بقالبه المسرحي، حتى يبرص وجهه من الكذب، ولا يبالي، وكلما استمعت صدفة لمثل هؤلاء في الكذب العلن، أتذكر دِرّة الخليفة عمر بن الخطاب، وأتذكر قراراته بالنفي والتغريب لكل من غش وكذب وتقَوّل وتطاول على الآخرين بالعدوان، وعدوان مطوعين هذا الوقت التغرير بالناس، وصنع سكر نبات من الكذب لتمرير التلفيق على بسطاء الناس.
- حينما يتظارف بعض رجال الدين، وهم الذين يفترض أن يكون جدهم جداً، وهزلهم جداً، لأن المتظارف يزيد الملح قليلاً، ويحلي الحكايات بالسكر والدبس والعسل، ويتجمل ويكذب من ذلك الكذب الذي لا يضر أحداً، لكي تستقيم الرواية، وتُحكم الحكاية، لكنْ رجال الدين المتظارفون يأتون على قصص ساذجة، ولا تنطلي على طفل يعيش في عصرنا المتسارع في التمدن واستعمال العقل البشري والصناعي الذي بلا حدود، يعني قصص من «كان يا ما كان» التي تحاكي الماضي ولا تسبر المستقبل، قصص لا يصدقها غير الجهلاء من المريدين الذين يقهقهون في منتصفها مثل قهقهة المسلسلات الرمضانية، كناية عن «روّحوا عن القلوب فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد»، ويكبّرون في نهايتها دليلاً على العبرة والعظة، وفهم الدروس المستفادة منها، كما روى أحد الشيوخ الجدد: قصة الجني المسلم المتنكر بصورة بشر، والذي سجل في جامعة المدينة المنورة، وأكمل فيها الفقه والحديث وعلوم القرآن، وخلص متطلبات الجامعة والكلية في أربع سنوات، وكان من المتفوقين الملتزمين والمشهود لهم، ولا يفوت «كورسات» أو مساقات الصيف، وعند التخرج، تبرع بمبلغ التخرج لأحد الطلاب الأفارقة، وأعطى تذكرة الرجوع لأحد مواطنيه من الإنس، ومن على سطح منزل سكن الطلبة الجامعي، غافل الجميع، وطار بثوب التخرج، وشهادته الجامعية تحت جناحه، عندي سؤالان  للمطوع: ما هي الدروس المستفادة من هذه القصة؟ و«شو يريد الجني من الدراسة، وكل الأمور عنده شبيك.. لبيك»!
- هناك قصص كذب مغلفة بالظَّرف والأداء المسرحي من بعض المشايخ، لكنها فيها حقد وكراهية واضحة تجاه الغير، وتجاه المختلف، يريدون من خلالها التأثير على غوغاء الناس، وبسطائهم، وشحنهم، وتهيئتهم لبرامج قادمة ضمن أجنداتهم، هذا عدا عن قصص البهتان العظيم التي هي خارج المألوف، وبعيداً عن نطاق الطبيعة البشرية، ومنطق المعادلات في الكون، وخارج منطوق العقل والقلب الإنساني «النفس والروح» اللذين يعدان أكبر هدية أعطاهما الله للإنسان!